হিকমত ঘর্ব
حكمة الغرب (الجزء الأول): عرض تاريخي للفلسفة الغربية في إطارها الاجتماعي والسياسي
জনগুলি
Honorius
الثالث ، الذي سرعان ما اختلف مع الإمبراطور الشاب؛ ذلك لأن إلمام الإمبراطور الواسع بحضارة العرب الراقية جعل من الصعب إقناعه بالاشتراك في الحرب الصليبية. ومن ناحية أخرى فقد كانت هناك صعوبات في لومبارديا، حيث كان التأثير الألماني مكروها على وجه العموم. وأدى هذا إلى إثارة مزيد من الاحتكاك مع البابا، الذي كانت تؤيده المدن اللومباردية في عمومتها. وفي عام 1227م مات أونوريوس الثالث، وبادر خليفته جريجوري التاسع إلى إعلان طرد فردريك من الكنيسة لامتناعه عن الاشتراك في الحروب الصليبية. ولكن هذه الخطوة لم تزعج الإمبراطور كثيرا؛ ذلك لأنه كان قد تزوج من ابنة الملك النورمندي لبيت المقدس، ولذا توجه في عام 1228م، وهو لا يزال مطرودا من الكنيسة، إلى فلسطين، وسوى الأمور هناك بالتفاوض مع المسلمين، ولم تكن لبيت المقدس قيمة عسكرية تذكر، غير أن المسيحيين كانت تجمعهم به روابط دينية قوية، وهكذا سلمت المدينة المقدسة بموجب المعاهدة، وتوج فردريك ملكا لبيت المقدس.
ولقد كانت هذه بالنسبة إلى طريقة تفكير البابا، طريقة عقلانية أكثر مما ينبغي لتهدئة الخلافات، ولكن كان عليه بعد نجاح هذه الطريقة أن يعقد صلحا مع الإمبراطور عام 1230م، وأعقبت ذلك فترة من الإصلاح أصبحت فيها لمملكة صقلية إدارة حديثة وتشريع جديد، وشجعت الحكومة التجارة عن طريق إلغاء جميع الحواجز الجمركية في الداخل، كما ارتفع مستوى التعليم بإنشاء جامعة في نابولي، وفي عام 1237م نشبت المعارك من جديد مع لوميارديا، وانشغل فريدريك حتى موته في عام 1250م بحروب دائمة مع الباباوات المتعاقبين، وأضفت الوحشية المتزايدة للصراع ظلا قاتما على هذه الفترة بالقياس إلى السنوات الأولى والأكثر استنارة من حكمه.
وقد توبعت عملية اقتلاع الهرطقة من جذورها بلا هوادة، وإن لم يكن النجاح قد حالفها دائما. صحيح أن الألبينيين وهم طائفة مانوية في جنوب فرنسا، قد استأصلت شأفتهم تماما في الحملة الصليبية التي شنت ضدهم عام 1209م، ولكن كانت هناك حركات هرطقة أخرى استطاعت الصمود. ولم تتمكن محاكم التفتيش، التي أسست عام 1233م من القضاء على اليهود في أسبانيا والبرتغال قضاء تاما، أما الفالديون
Waldenses
وهم أفراد طائفة ظهرت في أواخر القرن الثاني عشر، وكانت فيها ملامح مبكرة من حركة الإصلاح الديني، فقد تبعوا رائدهم ببيتر فالدو
في منفاه من مدينة ليون إلى سهول الألب يخا بيدمونت غرب تورينو حيث لا زالوا يعيشون إلى اليوم بوصفهم جماعات محلية بروتستانتية تتكلم الفرنسية، ومن حق المرء أن يتوقع في ضوء هذه الأحداث أن تكون الأجيال التالية قد تعلمت أنه ليس من السهل قتل الأفكار بأساليب اصطياد السحرة، غير أن التاريخ يثبت أن هذا درس لم يتم استيعابه.
وهكذا فإن القرن الثالث عشر لم يكن فترة سيادة مطلقة للكنيسة، حتى في المجال الكنسي البحت، على الرغم من القوة الهائلة التي اكتسبتها في ذلك الحين، ولكن إذا كانت الكنيسة الرسمية لها تلتزم كلية بتعاليم مؤسسها، فقد ظهرت في داخلها طريقتان أعادتا التوازن إلى حد ما في البداية، وهما الطريقتان الدومنيكية والفرنسيسكانية، اللتان كانتا في أول عهدهما تتبعان تعاليم مؤسسيهما القديس دومينيك (1170-1221م)، والقديس فرنسيس الأسيزي (1181-1226م)، ولكن على الرغم من أن هاتين الطريقتين كانتا في البداية زاهدتين، فإن الالتزام بالفقر لم يقيدهما طويلا. فقد أصبح الدومنيكان والفرنسسكان معا يشتهران بتولي شئون محاكم التفتيش، وهي مؤسسة لم تصل، لحسن الحظ، لا إلى إنجلترا ولا إلى الدول الإسكندنافية. ومن المحتمل أن التعذيب الذي كانت تمارسه كان يستهدف في وقت ما صالح الضحايا، على أساس أن العذاب الدنيوي في هذا العالم قد يخلص الروح من اللعنة الأبدية.
ولكن لا شك في أن هناك اعتبارات عملية كانت تعمل من آن لآخر على دعمها النوايا الطيبة للقضاة. وهكذا لم يبد الإنجليز اعتراضا وهم يرون جان دارك يتم التخلص منه على هذا النحو.
على أن الطريقتين الدومنيكية والفرنسسكانية أصبحتا تتابعان العلم بشغف، وهو اتجاه يتعارض مع مقاصد مؤسسيهما؛ فقد كان ألبرتوس الأكبر وتلميذه توما الأكويني من الدومنيكان، على حين أن روجر بيكن ودنز سكوتس ووليام الأوكامي ينتمون إلى الطريقة الفرنسسكانية. وقد كان الدور الذي أسهموا به إسهاما ذا قيمة حقيقية في ثقافة عصرهم هو دورهم في ميدان الفلسفة.
অজানা পৃষ্ঠা