কাহিনী এবং এর বিষয়বস্তু: বর্ণনা (নীতি, রহস্য ও অনুশীলন)
الحكاية وما فيها: السرد (مبادئ وأسرار وتمارين)
জনগুলি
لا يوجد أدب عظيم دون تصوير محكم وحي لشخصياته، وما دمت قرأت فسوف تكتشف بنفسك نماذج متنوعة ومتباينة الطرائق في هذا. أما إذا كنت تبحث الآن عن نموذج ميسر لمهارة رسم الشخصية وعرضها في سطور أو صفحات قليلة، فيمكنك أن تسارع بقراءة عملين من أهم وأبدع أعمال الأستاذ نجيب محفوظ؛ هما روايتاه «المرايا» و«حديث الصباح والمساء»؛ حيث كتبهما بطريقة الشخصيات المتتابعة بترتيب أبجدي من الألف للياء، بحيث يقدم لكل شخصية حياة كاملة من المهد إلى اللحد - تقريبا - في سطور معدودة. وبصرف النظر عن البناء الثري والمعجز فيهما، فهما درس نموذجي في تصوير الشخصية وبث الحياة فيها بأقصر عبارة وأبسط وسيلة.
الصور تدب فيها الحياة
اترك لها الزمام
كتب الروائي الإنجليزي «جراهام جرين»:
في اللحظة التي تفعل فيها الشخصية المتخيلة أو تقول شيئا ما لم تفكر أنت فيه، في هذه اللحظة ذاتها تكون حية، فاترك لها الزمام.
ربما يكون قد سبق لك بالفعل أن جربت مثل تلك اللحظة السحرية، حينما تجد فجأة الشخصية التي رسمت بنفسك ملامحها وأبعادها تكتسب استقلالها وتتصرف بمعزل عنك. إنها لحظة سحرية لأنها بداية الحياة الحقيقية لشخصياتك؛ بلوغهم سن الرشد، وانفصالهم - ولو نسبيا - عن سلطة خيالك وتوجيهك، ولأنها أيضا تتيح لك متعة الرصد والاكتشاف، وكأنك لم تكن تعرف شيئا تقريبا عن هذه الشخصية. ينفتح باب الدهشة أمامك وأنت تتأمل أبعادا جديدة لهذا الشخص الحي على الورق؛ لذلك فلتعمل بنصيحة جراهام جرين، واترك للشخصية الزمام، فلا تحاول أن تفرض عليها الذهاب نحو وجهة بعينها، أو أن تضع على لسانها حديثا محددا تريد منها أن تنطق به لسبب أو لآخر.
في هذه المرحلة يا صديقي اكتف بدور المشاهد المندهش ولو لبعض الوقت، واتبع خطوات شخصيتك أينما ذهبت، وسوف يحين فيما بعد الوقت المناسب للغربلة والاختيار من بين أفعال وأقوال شخصيتك، بعد أن تكون قد قطعت معها الرحلة، وتبادلتما موقع القيادة لأكثر من مرة فيما بينكما.
الفرار من اللوحة
من الصحيح أن فن رسم البورتريهات الشخصية ليس سهلا، وأنه يحتاج إلى وقت وممارسة لإتقانه، لكنه يبقى بعيدا عن حركة الحياة وسخونتها، تلك الحركة التي ينشدها كل سرد جيد. لنفترض أنك الآن قد انتهيت من وضع بطاقة التعريف الخاصة بشخصياتك الأساسية، أو شخصية واحدة على الأقل في قصة متوسطة الطول، واعتنيت بالأبعاد الثلاثة المعروفة لها، من مظهر خارجي وخلفية اجتماعية وطبيعة نفسية خاصة، ثم ماذا بعد؟ ليس من المجدي أو الممتع أن تضع هذا البورتريه الصامت كتقرير حالة جاف في سياق سردك.
إننا نعيش حياتنا ونتعرف على الناس في سياق الزمن، في سياق الحركة، في سياق الحكاية الكبرى، وهكذا أيضا نحب أن نتعرف على الشخصيات في السرد، دون أن تتوقف عجلة السرد لبعض الوقت لتقديم الشخصية لنا في بضع فقرات أو صفحات، ولو أن هذا كان متبعا ومعمولا به على مدى سنوات طويلة في الروايات الكلاسيكية، ومن الممكن الاستفادة منه بطرق مختلفة في الوقت المناسب، ما دامت المتعة متحققة من نواح أخرى، لكن يظل من الأسلم أن تستلهم بورتريه الشخصية - بطاقة البيانات الخاصة بها - دون أن تنقلها نصا، استعن بها في رسم المشهد وفي تقديم الشخصية بصورة غير مباشرة. فلتعتبر أن البطاقة الخاصة بالشخصية ضرورة من ضرورات إعداد الوليمة، لكنها لا بد أن تبقى بين جدران المطبخ، ولا تخرج منه، فلا يرى المدعوون إلى وليمتك قشر البصل أو نثار الطحين وغير هذا من الأواني المتراكمة، سيرون فقط الطبق النهائي في أفضل صورة ممكنة له؛ وكأن الشخصية حطمت إطار لوحتها، وفرت منها إلى الواقع واكتسبت حياتها الخاصة بتعبير جراهام جرين؛ لم تعد مسطحة ذات بعدين، مجرد ألوان على قماش، بل ثلاثية الأبعاد، شأن جميع الموجودات، مثل كل الأحياء، لها نسيج ومذاق وملمس وروائح.
অজানা পৃষ্ঠা