باقيه، وربما رأى محتاجًا بعد ذلك فيقسم عليه قوت أهله فيبقى أهله بلا شيء.
وكذلك (من) (١) يشتغل بالعلم؛ لأنّه أحد نوعي الجهاد، فيكون اشتغاله بالعلم كالجهاد في سبيل الله والدعوة إِلَيْهِ، فإن أخذ من مال الفيء أو الوقف أخذ منه قدر الكفاية يتقوى به عَلَى الاستعانة به عَلَى جهاده، ولا ينبغي أن يأخذ أكثر من مقدار كفايته من ذلك.
وقد نص أحمد عَلَى أن مال بيت المال كالخراج لا يؤخذ منه أكثر من الكفاية، فمال الوقف أضيق.
ومن اشتغل بطاعة الله تكفل الله برزقه، كما في حديث زيد بن ثابت المرفوع: «مَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ فَرَّقَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَمْرَهُ وَجَعَلَ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا كُتِبَ لَهُ، وَمَنْ كَانَتِ الْآخِرَةُ نِيَّتَهُ جَمَعَ اللَّهُ لَهُ أَمْرَهُ، وَجَعَلَ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ» خرَّجه الإمام أحمد وابن ماجه (٢).
وخرجه الترمذي (٣) من حديث أنس مرفوعًا: "إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: يَا ابْنَ آدَمَ، تَفَرَّغْ لِعِبَادَتِي أَمْلَأْ صَدْرَكَ غِنًى، وَأَسُدَّ فَقْرَكَ، وَإِلَّا تَفْعَلْ مَلَأْتُ يَدَيْكَ شُغْلًا، وَلَمْ أَسُدَّ فَقْرَكَ".
وخرَّج ابن ماجه (٤) من حديث ابن مسعود مرفوعًا: «مَنْ جَعَلَ الْهُمُومَ هَمًّا وَاحِدًا: هَمَّ آخِرَتِهِ كَفَاهُ اللَّهُ هَمَّ دُنْيَاهُ، وَمَنْ تَشَعَّبَتْ بِهِ الْهُمُومُ فِي أَحْوَالِ الدُّنْيَا لَمْ يُبَالِ اللَّهُ فِي أَيِّ أَوْدِيَتِهَا هَلَكَ».
_________
(١) تكررت بالأصل.
(٢) في "المسند" (٥/ ١٨٣)، وابن ماجه (٤١٠٥) من حديث زيد بن ثابت.
(٣) برقم (٢٤٦٥، ٢٤٦٦).
وأخرجه ابن ماجه (٤١٠٧)، وأحمد (٢/ ٣٥٨) من حديث أبي هريرة.
(٤) برقم (٢٥٧، ٤١٠٦).
1 / 242