وفيما نزل منه به ، لما يراه هارون صلى الله عليه له (1) عذرا ، وعدوه من عصاة بني إسرائيل يرى من فعل موسى به ما يرى ، وهارون يعتذر إليه ، صلى الله عليه (2)، فما قبل موسى ذلك منه ، ولكنه نبهه لما (3) غفل عنه ، فقال صلى الله عليهما : ( يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ) (92) [طه : 92] ، قوله (4): ( أفعصيت أمري ) [طه : 93] ، يدل على أن قد كان أمره ، أن لا يقيم صلى الله عليهما مع من شاق الله وكفره ، وقوله : ما منعك ألا تتبعني إذ عصوا ما منعك أن لا تتركهم وتلحقني ، ( قال يا بن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي ) (94) [طه: 94].
فهل رأيتم هديتم من قول أشبه بأن يكون عذرا من قول هارون واعتذاره ، مع ما كان من أمره (5) ونهيه وإنكاره ، فلما علم موسى صلى الله عليه ذلك كله ، وأن (6) هارون صلى الله عليهما أتاه وفعله ، وأن جميع ما فعل من ذلك وإن كان إحسانا ، وكان الله تبارك وتعالى رضوانا ، غير مقبول عند الله منه ، وإن مقامه مع الظالمين ذنب يحتاج إلى الله في العفو عنه ، قال موسى بعد اعتذار هارون صلى الله عليهما إليه ، واستعطافه بذكر أمه له عليه ، إذ يقول : ( ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء ولا تجعلني مع القوم الظالمين ) (150) [الأعراف : 150] (7)، فلم يستغفر موسى لهارون ذنبه ، ولم يسأل العفو عنه ربه ، حتى علم (8) هارون أنه قد كان أخطأ في مقامه مع الظالمين ، يرى ويعاين عصيانهم لرب
পৃষ্ঠা ২৮৫