المقام ، (1) فكان يقول لكل من قال له (2) ذلك كلا والله ، لا أزول عن موضع صيرني إليه رسول الله ، حتى تنقضي فيه حياتي ، وتحضرني به وفاتي ، فقال له عند الموت بعض الصالحين : يا فلان أتحب أن نحدرك من هذا الجبل الوعر فندفنك مع المسلمين ، فقال : لا تدفنوني والله إلا بحيث صيرني رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، فقبره ومسكنه الذي كان يسكنه معروفان اليوم بظهر الجبل.
مع ما حكم به صلوات الله عليه من نفي الزاني البكر سنة ، مع ما حكم الله به على المحاربين بالنفي ففي ذلك كله عبرة لمن يعقل بينة ، وقد قال الله سبحانه ، لرسوله صلوات الله عليه ورضوانه : ( لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا (74) إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا ) (75) [الإسراء : 74 75] ، وقال : ( ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون ) (113) [هود : 113].
والركون ، فقد يكون السكون ، فأي ركون أركن ، أو سكون أسكن ، بعد الإخاء والمحابة ، من الجوار والمساكنة ، فمن جاور وساكن ، فقد ساكن وراكن ، عند من يعرف لسان العرب ، فضلا عما في ذلك من بيان الرب ، جل ذكره ، وعز أمره.
هذا حكمه جل ثناؤه على رسوله فيمن كفره ، وتعدى أمره ، فلو (3) سهل الله سبحانه لأحد في هذا أو مثله ، لسهل لرسوله صلى الله عليه وعلى آله ، (4) ولكان رسول الله صلى الله عليه أولى بالتخفيف فيه والتسهيل ، فاسمعوا هديتم لما حكم به من الهجرة في الوحي والتنزيل ، على الرسول صلى الله عليه (5) وعلى المؤمنين ، وما
পৃষ্ঠা ২৫৯