رقصه بين الرجال ونحو ذلك مما فيه فتنة للناس والنظر إليه كذلك.
وإنما وقع النزاع بين العلماء في القسم الثالث من النظر وهو النظر إليه بغير شهوة لكن مع خوف ثورانها ففيه وجهان في مذهب أحمد أصحهما وهو المحكي عن نص الشافعي وغيره أنه لا يجوز. والثاني: يجوز لأن الأصل عدم ثورانها فلا يحرم بالشك بل قد يكره. والأول هو الراجح كما أن الراجح في مذهب الشافعي وأحمد أن النظر إلى وجه الأجنبية من غير حاجة لا يجوز وإن كانت الشهوة منتفية لكن لأنه يخاف ثورانها ولهذا حرم الخلوة بالأجنبية لأنه مظنة الفتنة، والأصل أن كل ما كان سببا للفتنة فإنه لا يجوز فإن الذريعة إلى الفساد يجب سدها إذا لم يعارضها مصلحة راجحة.
ولهذا كان النظر الذي قد يفضي إلى الفتنة محرما إلا إذا كان لحاجة راجحة مثل نظر الخاطب والطبيب وغيرهما فإنه يباح النظر للحاجة مع عدم الشهوة وأما النظر لغير حاجة إلى محل الفتنة فلا يجوز.
وأما الأبصار فلا بد من فتحها والنظر بها وقد يفجأ الإنسان ما ينظر إليه بغير قصد فلا يمكن غضها مطلقا ولهذا أمر تعالى عباده بالغض منها كما أمر لقمان ابنه بالغض من صوته.
وأما قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ﴾
1 / 44