وتارة باعتبار الحيثية في المقام، فيكون المراد العلم بالأحكام المستنبطة عن الأدلة من حيث إنها مستنبطة عنها، فيخرج العلوم المذكورة، فإنه وإن صدق عليها أنها علم بالأحكام المستنبطة عن الأدلة إلا أنها ليست علما بها من تلك الحيثية، كذا ذكره بعض الأفاضل.
وفيه: أن الحيثية المذكورة إن ارتبطت بالعلم تم ما ذكر من الجواب. وأما إن ارتبطت بالأحكام فلا، إذ يصدق على علمه تعالى أنه علم بالأحكام المستنبطة عند المجتهدين عن الأدلة من حيث إن تلك الأحكام مستنبطة عند المجتهد كذلك، وكذا علوم الملائكة والأنبياء والأئمة (عليهم السلام) إذا علموا بعلم المجتهد بها عن الأدلة، لصدق الحد المذكور على علومهم حينئذ مع تلك الحيثية، ومن البين أن الحيثية المذكورة إنما ترتبط بما اخذت قيدا فيه، والمفروض اعتبارها في ارتباط الأحكام بالأدلة فيتعين الوجه الأخير.
ولو فرض جواز ارتباطه بالعلم أيضا فلا أقل من قيام الاحتمال القاضي في الحد بالإجمال.
ثم إنه ذكر الفاضل المذكور أنه يمكن اخراج الضروريات عن الحد بالقيد المذكور، إذ ليس العلم الحاصل معها علما محصلا من الدليل وإن كانت تلك الضرورة علة لتلك العلوم في نفس الأمر.
قلت: ويرد عليه: أن ضروريات الدين ونحوها ليست من الأمور المعلومة على سبيل الضرورة ليمكن اخراجها بالقيد المذكور، إذ غاية ما تقضي به الضرورة ثبوتها كذلك عن صاحب الشريعة، نظرا إلى التواتر أو من جهة التسامع والتظافر، لا ثبوت الحكم بحسب الواقع، إذ ثبوتها الواقعي موقوف على صدق النبي (صلى الله عليه وآله) المتوقف على البيان وإقامة البرهان، فالظاهر أن ما ذكره مبني على اشتباه ضروريات الدين بسائر الضروريات، وبينهما من البين البين ما لا يخفى، إذ ليس المقصود من ضروريات الدين ما يكون ثبوت الحكم وصحته على سبيل الضرورة كما هو الحال في سائر الضروريات، بل المقصود ثبوتها من الدين على سبيل
পৃষ্ঠা ৬৬