وإذا اشتاق ابن الرومي ليحلي أضراسه، فأبو الطيب المتنبي لم يحن إلا إلى الشميم، فبعدما وصف صيف لبنان الصارم في شتائه الكافر:
وجبال لبنان وكيف بقطعها
وهو الشتاء وصيفهن شتاء
عاد يقول في مجال الغزل:
حيث التقى خدها وتفاح لبنان
وثغري على محياها
وإذا هجس أبو الطيب بالجمال الأنثوي، فأبو نواس لا عروسة لشعره غير الخمرة، فقال فيها:
سلاف دن إذا ما الماء خالطها
فاحت كما فاح تفاح بلبنان
يقول المغني: كلنا يحب القمر. ونحن نقول: كلنا نحب الصيف، فأولادنا يترقبون قدومه لتطلق المدارس سراحهم ، فيسرحوا ويمرحوا. يحتالون للعصافير بالدبق، وللحجال بالمطاردة، ويتمتعون بما في الرحلات من جمال وأنس. يطوون الكتب ليفتحوا كتاب الطبيعة الأسمى يقرءون فيه سطور الجمال الرائع والحسن البديع. فالصيف يعتق الناشئين من عبودية النظام، وهم ينتظرون مقدمه انتظار العاشق الولهان. أما المدني فيطلق عمران مدينته وما فيها من ترفيه اصطناعي ليتمتع بمحاسن الصيف في الجبال العالية، حيث تبدو له المناظر التي كان يراها على الشاشة البيضاء ولا يهفو قلبه لها إلا بمقدار ما تهيجه الذكرى.
অজানা পৃষ্ঠা