لكن نظرة واحدة إلى وجهي جعلته يغير رأيه على الفور.
قال: «أنت لا تريدين هذا، أليس كذلك؟ حسنا.»
وانتهى بنا الأمر إلى تناول الغداء في الشرفة الأمامية الباردة لأحد المطاعم الأنيقة التي تعلن عن تقديم وجبات دجاج للعشاء. كان الطعام باردا جدا، ولم يكن ثمة أحد آخر يتناول عشاءه سوانا، ولم يكن بالمكان أي صوت موسيقى آت من الراديو؛ فلم يوجد سوى رنين أدوات المائدة وهي تصطك بعضها ببعض ونحن نحاول أن نقطع أجزاء الدجاج الجامدة العصية على المضغ. كنت أثق تماما بأنه كان يحدث نفسه بأن المطعم الأول الذي اقترحه كان أفضل حالا بكثير من ذلك المكان.
ومع هذا كان لدي من الشجاعة ما جعلني أسأله عن مكان حمام السيدات، وهناك أخرجت ثوبي الأخضر وارتديته وسط ذلك الهواء البارد الذي كان يفوق في برودته هواء الشرفة الأمامية مما يثبط من عزم المرء، ووضعت طلاء شفاه مرة أخرى، وأصلحت من هيئة شعري.
عندما عدت إلى الشرفة مرة أخرى نهض أليستر من مكانه لتحيتي وهو يبتسم ويمسك يدي بقوة ويخبرني بمدى جمالي.
اتجهنا بخطى هادئة نحو السيارة مرة أخرى، وكان كل منا يمسك بيد الآخر. فتح لي باب السيارة وأدخلني وذهب نحو الباب الآخر، ودلف للداخل واستقر خلف عجلة القيادة ووضع المفتاح وأدار محرك السيارة، ثم ما لبث أن أوقفه ثانية.
كانت السيارة تقف أمام متجر الأدوات المعدنية. كانت هناك تخفيضات على مجارف إزالة الثلوج حيث كانت تباع بنصف الثمن، وكانت لا تزال هناك لافتة تقول إنه يمكن شحذ المزالج بداخل المتجر.
على الجانب الآخر من الطريق كان يوجد منزل خشبي مطلي بطلاء أصفر زيتي، كانت درجات سلمه الأمامي متهالكة وغير آمنة للصعود، وقد ثبتت في مكانها باستخدام لوحين من الخشب موضوعين على شكل حرف إكس.
كانت الشاحنة التي تقف أمام سيارة أليستر من طراز السيارات التي صنعت في فترة ما قبل الحرب، وكانت ذات دواسة جانبية، وقد علت رفارفها طبقة من الصدأ. غادر المتجر رجل كان يرتدي رداء عمل ودلف إلى الشاحنة، وبعد عدة محاولات ومقاومة من جانب المحرك أعقبتها بعض الأصوات والاهتزازات، انطلق بها بعيدا. ظهرت الآن إحدى شاحنات التوصيل التي تحمل اسم المتجر، وحاولت أن تقف في المكان الذي أصبح شاغرا الآن. لم تكن هناك مساحة كافية تتسع لوقوفها، فغادر السائق الشاحنة واتجه نحونا وأخذ يطرق زجاج سيارة أليستر. تفاجأ أليستر؛ ولو لم يكن يتحدث معي بجدية، لكان قد لاحظ المشكلة من قبل . فتح زجاج السيارة وقال له الرجل إننا إذا كنا نركن في هذا المكان بغية شراء شيء من المتجر، فلا مانع، وإن لم يكن الأمر كذلك، فهو يرجونا أن نترك المكان.
قال أليستر، ذلك الرجل الذي كان يجلس بجواري والذي كان يعتزم الزواج مني، أما الآن فلم يكن ينوي الإقدام على ذلك: «لقد كنا على وشك الرحيل.» «كنا!» لقد قال «كنا.» وللحظة توقفت عند تلك الكلمة، ثم دار بخلدي أنها قد تكون المرة الأخيرة؛ المرة الأخيرة التي ستحتويني صيغة الجمع التي يتفوه بها.
অজানা পৃষ্ঠা