وعندما نادى قائلا: «الطعام جاهز.» وفتحت الباب، كنت قد تسلحت حينها بتلك الشكوك الجديدة عن مدى معرفته ومعلوماته.
قلت له: «مع من تتفق نابهتا أم ستمبريني؟» «ماذا تقولين؟» «أعني في رواية «الجبل السحري» من كنت تهوى أكثر؛ شخصية نابهتا أم ستمبريني؟» «لكي أكون أمينا، أنا أعتقد أنهما اثنان من الثرثارين، وأنت؟» «شخصية ستمبريني أكثر إنسانية، لكن شخصية نابهتا أكثر إمتاعا وتشويقا.» «هل أخبروك بذلك في المدرسة؟»
قلت بثبات: «لم أقرأها مطلقا حين كنت في المدرسة.»
رمقني بنظرة سريعة ثم رفع حاجبه. «اسمحي لي أن أقول لك إنه إن كان هناك ما يجذب اهتمامك في تلك الكتب، فلك مطلق الحرية في أن تأتي إلى هنا وقتما تشائين، وتقرئي ما يحلو لك وقت فراغك. وهناك مدفأة كهربائية يمكن أن أديرها لك؛ حيث إنني أعتقد أنه لا دراية لك بالمدفأة التي تعمل بالخشب. ما رأيك في هذا العرض؟ يمكن أن أصنع لك نسخة إضافية من المفتاح.» «شكرا لك.»
كان طعام العشاء شرائح من لحم الخنزير، والبطاطس المهروسة، والبازلاء المعلبة. أما التحلية ففطيرة تفاح جلبها من عند الخباز، كانت ستصبح أشهى إن فكر في تسخينها.
راح يسألني عن حياتي في تورونتو، ودراستي الجامعية، وعن جدي وجدتي، وقال إنه يعتقد أنني نشأت على بعض القيم والأخلاقيات الصارمة. «كان جدي رجل دين متحررا، وكان متأثرا بأفكار الفيلسوف الألماني بول تيليتش.» «وماذا عنك؟ هل أنت الحفيدة الصغيرة المسيحية المتحررة أيضا؟» «لا.» «حسنا، هل تعتقدين أنني وقح؟» «هذا يعتمد على الصورة التي تحادثني بها؛ إن كنت تحادثني على أنك صاحب العمل، فأنت لست كذلك على الإطلاق.» «إذن، سأستمر في طرح بعض الأسئلة. هل لديك رفيق؟» «نعم.» «إنه في الجيش بحسب ما أعتقد، أليس كذلك؟»
قلت له إنه في سلاح البحرية. أدهشني اختياري الجيد هذا؛ حيث إنني لم أعرف يوما مكانه، كما أنني لم أكن أتلقى منه خطابات بصورة منتظمة، لكني أعتقد أنه لم يستطع الحصول على إجازة ليراني.
ذهب الطبيب وأحضر الشاي. «على أي نوع من المراكب يوجد هو؟» «الكورفيت.» كان هذا اختيارا جيدا أيضا؛ فبعد قليل، كان من الممكن أن أقول له إن سفينته تعرضت للقذف ونسفت، وذلك كما يحدث دوما لهذا النوع من السفن. «إنه لفتى شجاع. هل تريدين بعضا من السكر أو اللبن؟» «شكرا، لا أريد أيا منهما.» «هذا جيد لأنه ليس لدي أي منهما. أتدرين أن وجهك يفضحك تماما حينما تكذبين؛ حيث يتورد بشدة ويشع حرارة؟»
إن لم يكن قد حدث ما يقوله من قبل في أثناء حوارنا، فقد حدث الآن؛ فقد شعرت بفورة وحرارة تنبعثان من قدمي وتسريان عبر جسمي، وتدفق العرق بشدة أسفل الإبطين وتمنيت ألا يتلف الثوب الذي ألبسه. «إنني عادة ما أشعر بتلك الحرارة والفورة عندما أحتسي الشاي.» «أوه، لاحظت ذلك.»
عزمت على مواجهته؛ فالأمور لن تزداد سوءا عما هي عليه. غيرت دفة الحوار وسألته عن إجرائه للعمليات؛ فهل استأصل حقا رئتين، كما سمعت؟
অজানা পৃষ্ঠা