هل كانت ستحدث نفسها أو تحدث أي شخص آخر بأنها لا بد أنها أخطأت في التاريخ؟ يمكنه أن يقنع نفسه بأنها ستعثر على كذبة ما، بالطبع ستفعل. إنها واسعة الحيلة، على أية حال. •••
والآن وقد خرجت إلى الطريق، شعر جاكسون بالفعل برغبة في رؤيتها. لم يكن بإمكانه قط أن يسأل المالك عن هيئتها؛ هل كان شعرها داكنا أو تسلل إليه الشيب، وهل كانت لا تزال نحيفة أم أضحت بدينة. إن صوتها حتى في لحظات الكرب لم يتغير، وذلك على نحو يثير الدهشة. فهو يرسم كل الأهمية لنفسه، لطبقاته الموسيقية، وفي نفس الوقت يصدر نبرات الأسف الشديدة.
لقد قطعت مسافة طويلة، لكن بمقدورك أن تقول إنها امرأة مثابرة.
وستعود الابنة؛ فهي مدللة بدرجة تمنعها من الإقامة بعيدا لفترة طويلة. أي ابنة لإليان ستكون حتما مدللة، ترتب العالم والحقيقة لتلائم ما تريد وكأنه ليس ثمة شيء يمكن أن يهزمها طويلا.
لو كانت رأته، أكانت ستعرفه؟ اعتقد أنها كانت ستفعل، مهما كانت التغيرات التي طرأت عليه. وكانت ستسامحه، نعم، على الفور؛ كي تحافظ عن فكرتها عن ذاتها، على الدوام.
وفي اليوم التالي تلاشت أي راحة كان يشعر بها حيال خروج إليان من حياته. لقد عرفت ذلك المكان، وربما تعاود مرة أخرى. ربما تبقى هنا لفترة وتجوب الشوارع وهي تحاول أن تقتفي أثر ابنتها. كانت تطرح الاستفسارات على الناس بتواضع، لكنه ليس تواضعا في الواقع، بذلك الصوت الذي يحمل رنة التوسل ويشوبه الدلال في نفس الوقت. كان من الممكن أن يلتقي بها مصادفة خارج ذلك الباب؛ وحينها لن تصيبها الدهشة إلا للحظة، كما لو أنها كانت دائما تتوقع قدومه. لقد كانت تتوقع كل احتمالات الحياة، وهذا هو الأسلوب الذي كانت تعتقد أن بمقدورها دائما اتباعه.
يمكن إيقاف كل الأشياء، ولا يستلزم الأمر سوى بعض التصميم. حينما كان صغيرا في السادسة أو السابعة من عمره، استطاع أن يوقف حماقات زوجة أبيه، ما كانت تطلق عليه هي حماقات أو مضايقات؛ فقد هرب إلى الشارع بعد حلول الظلام، واستطاعت إرجاعه، لكنها شعرت أن من الممكن أن يكون هناك هروب حقيقي من جانبه إن لم تتوقف عن مضايقته، فتوقفت، وقالت إن ذلك ليس مزاحا من جانبه؛ لأنها لا تستطيع أن تقول مطلقا أن شخصا ما يكرهها. •••
أمضى ثلاث ليال أخرى في المبنى الذي كان يطلق عليه بوني داندي. كتب للمالك بيانا بما تدفعه كل شقة وموعد استحقاق مصاريف الصيانة وما تتضمنه من بنود. قال إنه تم استدعاؤه، وذلك دون الإشارة لجهة الاستدعاء والسبب. صرف كل الأموال الموجودة بحسابه المصرفي وحزم أشياءه القليلة، وفي المساء، في وقت متأخر من المساء استقل القطار.
أخذ يغفو ويستيقظ أثناء الليل، وفي واحدة من تلك الغفوات القصيرة رأى أولاد المينوناتيين الصغار في عربتهم الصغيرة، وسمع أصواتهم الصغيرة وهم ينشدون.
وفي الصباح هبط في كابوسكايسينج، وتسللت إلى أنفه رائحة المصانع، وقد شجعه الهواء البارد. سيعمل هناك، بالطبع سيعمل في بلدة مليئة بالغابات.
অজানা পৃষ্ঠা