হায়াত শর্ক
حياة الشرق: دوله وشعوبه وماضيه وحاضره
জনগুলি
ماذا يهمنا من تاريخ موسى؟ شريعة عظيمة وعادلة وشديدة وهي أولى الشرائع المنزلة في الشرق. ولكن الذي يهمنا هو ما لقيه هذا الرجل من شعبه، فإن أحد أفراد هذا الشعب الذي كان يدافع عنه موسى وشى به وأوقعه في تهمة جناية القتل العمد. وعلى من اعتدى موسى؟ على رجل مصري كاد يفتك بالإسرائيلي، وشهد الإسرائيلي دفاع موسى عنه، فكان هو المبلغ ضده والمهدد له! أرأيت؟ هذه حادثة فردية ولكنها لها كل دلالتها، بل هي رمز للتاريخ الشرقي كله، أن الرجل الذي تدافع عنه وتحميه وتذود عنه وتريد له الحياة لأنه من الشعب ولأنه ضعيف، هو الذي يحفظ لك هذه الحادثة لينتفع بها ضدك ويؤذيك!
هل تجد في الغرب خيانة كهذه؟ ربما، ولكن نادرا. هل تجد بين الوحوش وفي عالم الحيوان خيانة كهذه؟ ربما، ولكن من الذئب أو من الثعبان، ولكن كل مخلوق آخر مهما كان فظيعا قاسي القلب لا يقع في هذه الجريمة، أي إنه لا يقابل الإحسان بالإساءة، ولا يقابل الجميل بالنكران. إن موسى لم يحسن لليهودي فقط بل إنه ضحى في سبيله، لقد استهدف للخطر لأنه قتل مصريا، لقد بلغ حبه لشعبه ممثلا في أحد أفراده درجة الجريمة، ثم ماذا لقي موسى من شعبه بعد أن لجأ إلى كل الحيل في إنقاذه وإخراجه من مصر وهي بالنسبة لليهود كانت دار عذاب وإساءة؟ لقد عذبوه في الصحراء، وأذاقوه مرارة الحياة ألوانا.
فأخذوا يعصونه وهو يأتي لهم بأوامر الله ونواهيه، وأخذوا يعبدون العجل ويضايقونه ويمتحنونه حتى كاد يجن من فعلهم!
وإليك ما وقع للزعيم الديني الثاني وهو عيسى ابن مريم - عليه السلام:
لقد كان عيسى في نظر النصارى إلها متجسدا، وفي نظر المسلمين نبيا مرسلا، وفي نظر اليهود ثائرا على قومه وعلى عقيدته. وعلى كل حال فهو في نظر التاريخ الاجتماعي مصلح قومي، أراد قبل كل شيء إصلاح حال اليهود وإخراجهم من مظالم الرومان، فأتى بمبادئ سامية في الحب والعدل والرحمة والتسامح والعفو والمغفرة، مبادئ هي من أجمل ما نطق به البشر ومن أفضل الأسس التي تبنى عليها مكارم الأخلاق. وقد تحاشى على قدر طاقته التدخل في شئون الدولة الحاكمة، لأنه كان يريد أن يهدمها بالتدريج، ومن جهة أخرى بمعاول الإخاء والمساواة والمحبة.
ولا ريب في أن عيسى - عليه السلام - كان إسرائيليا عبقريا، وكان قائما ضد الأنظمة الفاسدة التي وصلت ببني إسرائيل إلى ما وصلت إليه في عهده. وكان هذا طبعا بأمر من الله - سبحانه وتعالى - فماذا كانت النتيجة؟
إن اليهود قد أوقعوا به، بعد أن حاولوا مرات أن يفسدوا بينه وبين قيصر، وهو رمز السلطة الرومانية، وأوغروا عليه صدر المندوب السامي الروماني «بيلاطوس»، وخلقوا له التهم ونسبوا إليه أنه يقول أنا ملك بني إسرائيل، ليكون من ذلك جريمة سياسية، ورغبة في انتزاع الملك، ودعوة إلى الثورة ضد الرومان.
لقد حدث للمسيح ما هو معلوم في التاريخ من قبض واتهام وتعذيب.
وذهب في الرابعة والثلاثين ضحية الظلم ورفع إلى السماء، ليتم الوعد الرباني وهو تخليص شعبه.
ثم بعده بستة قرون ظهر النبي محمد
অজানা পৃষ্ঠা