فصاحت أمي في نبرة فهم وانزعاج مفاجئين: «إن أمها تضربها، أليس كذلك؟ هذا هو الأمر، هذا هو تفسير الإصابات على ساقيها ...»
وبمجرد أن بدأ العم بيني ضحكاته الخافتة، لم يستطع التوقف، فكانت ضحكاته كالفواق. «حسنا، نعم بالفعل إنها ...» «لم لم تخبرنا عندما كانت هنا؟ لم لم تخبرنا في الشتاء الماضي؟ لم لم يخطر ببالي ذلك الأمر؟ لو كنت أعلم الحقيقة كنت سأبلغ عنها ...»
فنظر العم بيني مفزوعا. «تبلغين الشرطة عنها! كان ذلك سيتسبب في توجيه اتهامات، وقد تؤخذ منا الفتاة. ولكن ما علينا أن نفعله الآن هو أن نجعل الشرطة تبحث عنها وسوف يجدونها، لا داعي للخوف.»
لم يبد العم بيني سعيدا أو مرتاحا لذلك التأكيد، فقال بتعقل: «كيف ستعلم الشرطة أين تبحث؟» «الشرطة الإقليمية سوف تعلم. يمكنهم العمل على نطاق المقاطعة أو الدولة إذا لزم الأمر، وسوف يجدونها.»
فقال أبي: «مهلا، مهلا، ما الذي يجعلك تعتقدين أن الشرطة مستعدة للقيام بذلك؟ إنهم لا يقتفون أثر أحد بتلك الطريقة سوى المجرمين.» «وماذا تسمي امرأة تضرب طفلة غير أنها مجرمة؟» «يجب أن تكون هناك قضية وشهود، إذا كنت ستبلغين عن الأمر علانية هكذا يجب أن يكون لديك دليل.» «بيني هو الشاهد، وسوف يخبرهم، سوف يشهد ضدها.» والتفتت أمي نحو العم بيني الذي عاودته نوبة الفواق، وقال بصوت ينم عن الحيرة وكأنه لا يستطيع استيعاب الأمر: «ما معنى هذا، ماذا عساي أن أفعل؟»
فقال أبي: «كفى حديثا في هذا الأمر اليوم، سوف ننتظر ونرى.»
هبت أمي واقفة وهي تشعر بالانزعاج والارتباك، ولكن كان عليها أن تقول شيئا واحدا آخر، فقالت ما يعلمه الجميع. «لست أدري لم التردد، فكل شيء واضح وضوح الشمس بالنسبة لي.»
ولكن ما كان واضحا وضوح الشمس بالنسبة لأمي كان غامضا ومخيفا بالنسبة للعم بيني، وكان من المستحيل الجزم بما إذا كان خائفا من الشرطة أم من المظهر العام والرسمي الذي سينتج عن تلك الخطة، وما سينتشر حولها من أحاديث، والأماكن الغريبة التي سوف تأخذه إليها. ولكن أيا كان فقد انهار مصدوما، ولم يتحدث عن مادلين وديان بعد ذلك.
ما الذي يمكن فعله؟ فكرت أمي مليا في التصرف بنفسها، ولكن أبي أخبرها: «سوف تقعين في مشاكل من البداية إذا تدخلت في حياة عائلات الآخرين.» «مهما يكن، أعلم أنني على حق.» «قد تكونين على حق، ولكن هذا لا يعني أن بيدك ما تفعلينه حيال هذا الأمر.»
في هذا الوقت من العام، تضع الثعالب صغارها، وإذا حلقت إحدى طائرات كلية التدريب التابعة للقوات الجوية الموجودة بجوار البحيرة على ارتفاع منخفض، أو إذا ظهر شخص غريب بجوار الحظائر، أو إذا وقع أي حدث مزعج أو مخيف؛ فقد تقرر قتل صغارها. ولا يعلم أحد ما إذا كانت الثعالب تفعل ذلك بدافع الغضب الأعمى أم أنها غريزة الأمومة اليقظة المذعورة. هل يمكن أن يكون ذلك بدافع أنها ترغب في إبعاد صغارها الذين لم يفتحوا أعينهم بعد عن الخطر الذي تظن الأمهات أنهن جلبن صغارهن إليه في هذه الحظائر؟ لم تكن الثعالب كالحيوانات المستأنسة؛ إذ إنها لم تعش في الأسر إلا منذ بضعة أجيال.
অজানা পৃষ্ঠা