2
ولذلك فإني لا أكتب عنه إلا ما أعرف من شعره، سواء كان فتى أو كهلا، وهو قد طبع من ديوانه الجزء الأول من سنة مضت، وذكر في مقدمة شرحه أنه نظمه في عامين، وأنه لم يقل الشعر إلا منذ ثلاث سنوات من طبع ذلك الجزء، ولم ألبث أن رأيت منذ أشهر في بعض أعداد مجلة «الجامعة» تقريظا مسهبا جدا للجزء الثاني من ديوان هذا الشاعر، فأكبرت ذلك، ولا شك أنه ينظم اليوم في الجزء الثالث قياسا على ما تقدم ...
ومما امتاز به هذا الشاعر ولعه الشديد بالغزل، وبلوغه فيه أسمى ما يبلغه النظم، وله مزية أخرى، وهي غوصه على المعاني في الأغراض التي لم تطرق، وكثيرون يعدونه بذلك شاعر مصر، وديوانه معروف، وشعره مشهور ... إلخ.»
وقال عن شوقي: «سيأخذ بعض القراء العجب إذا رأى شوقي بك ثاني الطبقة الثانية وهو هو، شوقي بك شاعر الحضرة الفخيمة الخديوية، ولكنا نعجب أكثر منه إذا رأينا الشوقيات قد انقلبت إلى شوكيات، فأي ذوق سليم يطمئن لهذه المعاني المكررة وتلك الألفاظ النافرة من مثل: «قضى أريحي القوم» وغيرها، ولا أدري لهذا الانقلاب سببا إلا إذا صح ما يقال من أن «صبري وسلمان» كانا يهذبان شعر الرجل من قبل، وهو قول لا أجزم به ولا أرفضه ... ... وإنما اشتهر قديما يوم كان الكاظمي في العراق، والبارودي في سيلان ، وصبري من مهذبي شعره على ما يقال، وحافظ في السودان، والرافعي لم يقل الشعر بعد - على ما قيل لي! - وأثبت له الشهرة إضافته إلى الحضرة الخديوية، على نحو ما يذكر النحاة في باب «الجر» بالمجاورة ...»
وختم المقال بقوله: «وسنرى ما يكون من امتعاض الشعراء بعد هذا المقال، ولكني أطلب إليهم أن يخفضوا عن أنفسهم، فلا أنا من معية الأمير، ولا من حاشية السفير، وليس ما كتبت إلا رأيي، فليبق كل في رأيه وعند نفسه أشعر الشعراء.»
وذيلته مجلة «الثريا» بما يأتي: ألقى إلينا مكتب بريد الزيتون يوما ملفا ضخما واردا من مصر، وداخله كتاب موجز ومعه المقالة المتقدمة للنشر. أما الكتاب فهذه صورته بعد الديباجة: ... دونك مقالة بكرا لم ينسج على منوالها بعد في العربية، حرية بأن تصدر بها مجلتك الغراء، ولا يروعنك شدة لهجتها، فكلها حقائق ثابتة، وإن آلمت البعض؛ فإن الحق أكبر من الجميع، وإني لبالمرصاد لكل من ينبري للرد عليها، وأنا كفء للجميع، وما إخال أحدا يستطيع أن ينقض حرفا مما كتبته، وإن هم لزموا الصمت فحسبك من سكوتهم إذ ذاك إقرارا بأني أنزلت كل شاعر في المنزلة التي يستحقها.
ولا يعنيك معرفة اسمي، فأنا ابن جلا وطلاع الثنايا، فانظر إلى ما قيل وليس لمن قال، وبعد هذا فإن أعجبتك مقالتي فانشرها وإلا فاضرب بها عرض الحائط، وإني أقترح عليك أن تنشر جميع ما يردك من الردود في المعنى، سواء جاهر أصحابها بأسمائهم أو تستروا، فإن الموضوع طلي شهي، وفي إطلاقك الحرية للكتاب ما ينشط بهم لحرية الجولان في المضمار.
قالت الثريا: وقد تصفحنا المقالة فراعنا شدة لهجة الكاتب، وبتنا نقدم رجلا ونؤخر أخرى في نشرها، إلى أن تغلب علينا الميل لنشرها، إن لم يكن لشيء فلكثرة ما حوته من رائق الأشعار لفحول الشعراء ... وهم نخبة شعراء مصر في هذا العصر، فأقدمنا على نشرها كما وردتنا بالحرف الواحد، غير متحملين تبعتها، وللكتاب الأدباء الحرية في الرد عليها، وأبواب الثريا ترحب بكل ما يردها من هذا القبيل، سواء من المشتركين أو غيرهم.
ومن لم يذد عن حوضه بسلاحه
يهدم، ومن لا يظلم الناس يظلم
অজানা পৃষ্ঠা