172

فهل سأل أحد: كم خلف وكم ترك؟

سأقول وإن لم يطلبها أحد إلي ...

أما المال فلا سبد ولا لبد، وأما الأدب فثروة للرواة ومحزنة للولد، وأما العيال ... فوا حزنا لو كان يجدي الحزن!

هذا «سامي» كبيرهم في بعثة الجامعة بأمريكا ما يزال بينه وبين الغاية خطوة ، وهذه «سعدية» الصغيرة تلثغ في الراء وتضم شفتيها على الباء، وبينهما ثمانية يقوم على شئونهم «محمد»! الله لهذا الشاب العائل! لم يكد ينعم بقرب الأهل بعد فراق سبع سنين، حتى كان عليه عبء الأسرة كله، فكأنما كان هو في تلك الغربة وديعة إلى أجل، وذخيرة إلى ميعاد، وعاجلته تبعات الحياة ولم يزل في باكر الشباب!

والحكومة ...؟ خلي عنك يا وزارة الحقانية، خلي عنك يا وزارة المعارف، خل عنك يا وزير المالية ... الله أكرم!

لقد تصرم من عمر الرافعي في خدمة الحكومة ثمان وثلاثون سنة، ومات ولم يجاوز السابعة والخمسين، فأي مكافأة نالها وأي جزاء؟ بضعة عشر جنيها في كل شهر تأبى الحكومة إلا أن يكون لها فيها ميراث ...!

إنه الرافعي، إنه الرجل الذي كان اسمه في مقدمة الأسماء المصرية التي تؤكد زعامة مصر للأمم العربية، وترفع اسمها، وتبني مجدها الممتاز، وتسن طرائقها التي يحتذيها الأدباء في العالم العربي. إنه هو ... ولكنها هي مصر!

وكتب رئيس الرافعي في وزارة العدل كتابا غداة منعاه إلى وزارة المالية، يصف لها من حال الرافعي ومن خبره، ويقترح أن تنزل الحكومة عن نصيبها من الميراث في «معاش» الرافعي لأولاده ... ولكن وزير المالية يأبى ...

4

ولكن الله أكرم ...! «يرحمه الله! يرحمه الله!»

অজানা পৃষ্ঠা