فلا فائدة من تعظيم خطر الصهيونية، والارتفاع به إلى ما وراء طاقة الجهود البشرية ...
ولكن لا فائدة كذلك من تهوين هذا الخطر إذا لم يقترن تهوينه بالشروع في العمل المفيد ...
والجامعة العربية خليقة أن تنتهز فرصة العمل في هذه الآونة؛ لأنها فرصة سانحة بعد الحرب الأخيرة، وفي مفتتح الحياة الجديدة التي تستعد لها الأقطار الأوروبية، ممن كانت على صلة بالمسألة الصهيونية أو باضطهاد اليهود، وقد تفتح أبوابها غدا لمن يؤثرون العودة إليها من أرض الميعاد إذا عز عليهم الوفاء بما وعدهم به الدعاة والزعماء ...
ولا غنى للبلاد العربية على أية حال - لخدمة نفسها لا لخدمة القضية الفلسطينية وكفى - من تنظيم الصناعات الحديثة، وتنظيم الأسواق في وجه المعاملات الطارئة عليها، ومن منع الاحتكار في أيدي فريق من الناس كائنا ما كان.
وإذا استقامت البلاد العربية على هذا الطريق، فقد استقامت على الطريق السوي الذي يفضي بها إلى النجاح في جميع قضاياها، ومنها قضية فلسطين.
الحالة الاجتماعية
المجتمع الفلسطيني قريب من المجتمع المصري في تكوينه، وفي معظم آدابه وعاداته، ولا يختلفان إلا في بعض التقاليد التي ترجع أولا إلى امتزاج شعائر الأسرة المصرية بشعائر الحداد الموروث من أقدم العصور، وترجع ثانيا إلى الزراعة المصرية، والبادية الفلسطينية ... فمصر تنقسم إلى عاصمة وقرية، وفلسطين تنقسم إلى حاضرة وبادية، وإن كانت باديتها أخصب من بادية الصحراء، وأقرب إلى العمار ...
ولا يزال سلطان البادية ظاهرا في تقاليد الأسرة الفلسطينية، سواء منها الإسلامية أو المسيحية ...
والبادية كما لا يخفى تشتد في المحافظة الاجتماعية، وتحب البقاء على القديم، وأظهر ما تبدو عليه هذه المحافظة الاجتماعية في حجاب المرأة ونظام الحياة الزوجية ... فإن بنات الأسر في حواضر فلسطين متعلمات على نصيب وافر من الثقافة العصرية، ولا يندر بينهن من تحسن لغة أو لغتين من اللغات الحديثة، ولكنهن قليلات الظهور في الحياة العامة، وقلما تجسر السيدة منهن أو الفتاة على السفور في الطريق إلا أن تكون من أسرة قوية السلطان مهيبة الجانب تحميها بسلطانها وهيبتها أن تتعرض للأذى والمهانة من بعض من ينكرون السفور، وهم كثيرون ...
فإذا سفرت السيدة أو الفتاة من البيوت المتوسطة التي لا تخشى شوكتها، فقد يصيبها ما يسوءها في طريقها، ولا يتقدم أحد لحمايتها؛ لأنها تستحق ما تلقاه في رأي السابلة من طبقات العامة، ومن يحسبون حسابها.
অজানা পৃষ্ঠা