100

كان مختار الغازي ضئيل الجسم قصير القامة، ولكنه كان مهيب الطلعة كأنما تشتعل في عينيه نار موقدة، فلما تحدثت إليه لم يتحفظ ولم يبال أن يقول كل ما عن له أن يقوله عن إهمال الإنجليز للقوة العسكرية المصرية، ولا أذكر تفصيلات حديثه اليوم ولا يتيسر لي أن أبحث عنه في مراجعه لنقله بنصه، ولكنني أذكر أنه قال: «إن الإنجليز أهملوا جيش مصر ، وإنني بقوة كقوة المحمل أفتح الجزيرة العربية!»

وكنت أكتب يومئذ في صحيفة الدستور لصاحبها الأستاذ الجليل محمد فريد وجدي بك، فلما رويت له ما سمعت من الغازي ابتسم وقال: «إنك لا تذكر حادثة الحدود ... فإن كلاما أقل من هذا الكلام قد أثار الإنجليز على أمير البلاد، فكيف تظنهم يتلقون مثل هذا الحديث من رجل يتبرمون به وبمركزه في الديار المصرية؟»

ونشرنا ما تيسر نشره يومذاك، ولكنه على خفته بالقياس إلى ما قيل قد أقام الدنيا وأقعدها في الدوائر الإنجليزية، وأحسبه كان من أسباب سعيهم الحثيث في نقل الغازي، والمساومة على مركزه في الآستانة.

سعد زغلول

وحديثي مع سعد زغلول خليق أن يشار إليه؛ لأنه فيما أعتقد كان أول حديث لصحفي مصري مع أحد الوزراء المصريين.

ونحن في العصر الحاضر نفتح الصحف اليومية والأسبوعية، فلا يفوتنا حديث وزاري في عدد من أعدادها المتلاحقة.

لقد أصبحت محادثة الصحفيين المصريين لوزراء هذا البلد مادة صحفية دائمة، وموردا ميسورا لكل قاصد.

ولكن صحف مصر قد عبرت في الجيل الماضي سنوات بعد سنوات، دون أن يسمع فيها صوت «ناظر» من النظار، كما كان الوزراء يسمون في ذلك الحين.

لأن النظار كانوا في عزلة عن الرأي العام، وكان الرأي العام في عزلة عنهم، فلا يجسر أحد منهم على الإفضاء بحديث عن سياسة «نظارته» إلى جمهور المصريين. •••

وعلمت أن سعدا - رحمه الله - ناظر ولا كالنظار، وأنه لا يبالي ما يباليه زملاؤه من غضب قصر الدوبارة أو غضب المستشار.

অজানা পৃষ্ঠা