হায়াত মাসিহ
حياة المسيح: في التاريخ وكشوف العصر الحديث
জনগুলি
فالذين استغربوا الأوصاف، ولم يروا فيها إلا التناقض والشكوك! ماذا يصنعون بهذه الصورة المتناسقة؟ وعلى أية صورة كانوا ينتظرون أن تأتي غير هذه الصورة مع التفاوت بين مدارك المعلم ومدارك التلاميذ، ومع حضور الملكوت في أذهان السامعين بمعنى القيامة، ووروده أحيانا في كلام السيد المسيح بهذا المعنى؟ بل كيف كانوا ينتظرون أن تأتي على غير هذه الصورة مع تطور الدعوة تطورا لا بد منه بين كلام موجه إلى أمة خاصة، وكلام موجه إلى جميع الأمم؟
إن الخلاصة المغربلة موجودة بين السنابل والحبوب، ولكن العيب في الغربال الذي لا يعمل عمله، وفي حامل الغربال الذي ينسى أن الغربال لازم، وأن موضع لزومه على التخصيص.
إذا جاءنا رجل لا يعرف اللغة الصينية، ووضع أمامنا خطوطا وأشكالا، وتسنى لنا أن نخرج من تلك الخطوط والأشكال كلمات تتم بها جملة مفهومة، فتلك آية الآيات على صدق الصورة المنقولة، وتلك الصورة إذن أحق بالاعتماد عليها من كلام الناقل الذي يستطيع أن يزيد على الكلام أو ينقص منه، أو يدخل عليه التحوير والتبديل حسب هواه.
تحولت الدعوة من خاصة إلى عامة، ومن أمة واحدة إلى سائر الأمم، بل إلى «الإنسان» فردا كان، أو عنوانا يشمل كل إنسان.
وحدث هذا التحول والعالم الإنساني متهيئ للدعوة الجديدة من أعماق وجدانه، وإن لم يكن يسيرا عليه أن يفهمها حق فهمها، أو يسبر أغوارها.
والعالم الإنساني يتهيأ لهذه الدعوات على حسب حاجته إليها، ولا يلزم على الدوام أن يفهمها كما يلزم أن يحتاج إليها، أو إلى شيء من قبيلها.
مثله في ذلك مثل التربة التي ينفعها المطر؛ لأنها مهيأة له متعطشة إليه ، ولا محل هنا للحديث عن الفهم وسبر الأغوار.
كانت العلاقة العالمية، أو العلاقة الإنسانية قد وجدت من وراء أسوار الأمم والأقوام، ولكنها قد وجدت في بقاع من الأرض، ولم توجد في سرائر الضمير، ولعل الناس قد اختبروا منها أضرار العداء والبغضاء وكبرياء الجنس ونفور العصبية، قبل أن يختبروا منها مزايا الوحدة، ويتطلعوا من ورائها إلى الأخوة والصفاء.
بل تحطمت أسوار الأمم والأقوام أمام وطأة الشقاء قبل أن تتحطم أمام دعوة الأخوة والصفاء، فاتسعت رقعة العالم المتوحد لأناس من جميع العصب والسلالات، لا يشعرون بينهم بوحدة غير العبودية والضنك، إما في ربقة الرق الصراح، أو في ربقة أخرى لا تقل عنها في القوة والنقمة، وهي ربقة الحرمان والقنوط.
وقد كان من العسير أن يتمخض العالم الوثني عن رسول يجمع الأقوام إلى دين واحد؛ لأن تاريخ الوثنية لم يعهد فيه أن يخرج للدنيا رسلا تملؤهم الحماسة الروحية، وتفيض منهم على من حولهم فضلا عن البعيدين عنهم، ولم يعرف التاريخ قط داعية وثنيا تجرد للتبشير والإنذار غير حافل بالموت، ولا مرتدع بما يلقاه من زواجر الإرهاب والوعيد، وكل ما يحدث في الأديان الوثنية أن تغلب الدولة التي تدين بها على الشعوب المقهورة، فتحملها على طاعة أربابها كما تحملها على طاعة قوانينها وأحكامها، وتفرض عليها العبادات التي تتصل بالشعائر العامة، والمحافل الرسمية، ثم تترك لها بعد ذلك ما يروقها أن تعبده من الأرباب والأصنام.
অজানা পৃষ্ঠা