تَلُفُّهُ في الريحِ بوغاءُ الدِّمَنْ ... كأنّما حثحث من حِضنَيْ ثَكَنْ
قال: فلما سمع سُطيح شعره، رفع رأسه يقول: عبد المسيح، على جمل مشيح، أتى سُطيح، وقد أوفى على الضريح، بعثك ملك بني ساسان، لارتجاس الإيوان، وخمود النِّيران، ورؤيا الموبذان، رأى إبلًا صعابًا تقود خيلًا عِرابًا قد قطعت دجلة وانتشرت في بلادها.
يا عبد المسيح: إذا كثرت التِّلاوة، وظهر صاحب الهراوة، وفاض وادي السَّماوة، وغاضت بحيرة ساوة، وخمدت نار فارس، وكلُّ ما هو آتٍ آت.
ثم قضى سُطيح مكانه. فنهض عبد المسيح إلى راحلته وهو يقول "من البسيط":
شَمِّر فإنّك ماضي العزم شِمِّيرُ ... لا يُفز عنَّكَ تفريقٌ ونغييرُ
إنْ يُمسِ مُلكُ ساسانَ أفرطهم ... فإنَّ ذا الدَّهرِ أطوارٌ دهاريرُ
فربّما ربّما أضحوا بمنزلةٍ ... تَهابُ صولهُمُ الأُسدُ المهاصيرُ
منهم أخو الصَّرحِ بِهرامٌ وإخوتُهُ ... والهُرمزانِ وسابورٌ وشابورُ
والنّاسُ أولادُ علاّتٍ فمن عملوا ... أنْ قد أقَلَّ فمحقورٌ ومهجورُ
وهمْ بنو الأُمِّ إِمَّا أن يَرَوا نَشَبًا ... فذاكَ بالغيبِ محفوظٌ ومنصورُ
والخيرُ والشرُّ مقرونان في قَرَنٍ ... فالخيرُ متَّبعٌ والشرُّ محذورُ
فلمّا قدم عبد المسيح على كسرى، أخبره بما قال له سطيح.
1 / 59