وقد صدق ، فكم من راغب مجتهد في طلبه لا يحظى منه بطائل على طول تعبه ومواصلة دأبه ونصبه ، وذلك إذا نقص ذكاؤه وكل ذهنه ونبتت قريحته .
والفهم إنما يكون مع اعتدال آلته ، فإذا عدم الاعتدال لم يكن قبول ، كالطينة إذا كانت يابسة أو منحلة لم تقبل الختم ، وإنما تقبله في حال اعتدالها ، وإذا أكدى الطالب مع الاجتهاد ، فكيف يكون مع الهوينا والفتور .
فإذا كنت أيها الأخ ترغب في سمو القدر ونباهة الذكر وارتفاع المنزلة بين الخلق ، وتلتمس عزا لا تثلمه الليالي والأيام ولا تتحيفه الدهور والأعوام ، وهيبة بغير سلطان ، وغنى بلا مال ، ومنعة بغير سلاح ، وعلاء من غير عشيرة ، وأعوانا بغير أجر ، وجندا بلا ديوان وفرض ، فعليك بالعلم ، فاطلبه في مظانه ، تأتك المنافع عفوا ، وتلق ما يعتمد منها صفوا ، واجتهد في تحصيله ليالي قلائل ، ثم تذوق حلاوة الكرامة مدة عمرك ، وتمتع بلذة الشرف فيه بقية أيامك ، واستبق لنفسك الذكر به بعد وفاتك .
পৃষ্ঠা ৪৩