وأما مرتكب الكبيرة فالظاهر أنه لا يعيد قولا واحدا، كما يدل عليه كلام الضياء حيث قال: "ومن كتاب الرهائن قال بشير عن الفضل بن أبي الحواري جرت مسألة عن أبي عبد الله في الفاسق يعمل بالحسنات في وقت فسقه ثم يتوب هل يثيبه الله عليها إذا تاب؟ قال: نعم إلى آخر ما أطال فيه.
وأما المرتد فالحاصل أن فيه ثلاثة أقوال إذا رجع إلى الإسلام؛ منهم من يقول: لا يبطل عمله ولا ثوابه حتى يموت على ذلك، وهو مذهب الشافعي واستدل بظاهر قوله تعالى: {ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر، فأولئك حبطت اعمالهم} الآية[البقرة:217]، ومنهم من يقول: بطل ثواب عمله ولا يطالب بالإعادة إلا في الحج، وهو مذهب مالك، ومنهم يقول: بطل عمله وثوابه ويطالب بالإعادة، وهو الراجح عند أصحابنا على ما يفهم من كلام السؤالات حيث صدر به والله أعلم لقوله تعالى: {لئن اشركت ليحبطن عملك} [الزمر:65]، وأما الآية التي استدل بها الشافعي فأجيب عنها بأنه سبحانه وتعالى رتب على الردة والموت على الكفر شيئين الإحباط والخلود في النار، فالأول مرتب على الردة، والثاني على الموت عليها؛ فلا دليل في الآية على ما ذكره الشافعي، فإن تاب أعاد ما مضى على التفصيل السابق في السؤالات فيمن ارتد زلة فكيف بمن ارتد متعمدا، نعم ظاهر الأثر المحكي عن بعض أصحابنا المشارقة في كيفية المرتد يدل على أنه كالمشرك الأصلي فيكون قولا رابعا في المرتد، ولعل الرخصة التي ذكرها في السؤالات تشير إلى هذا، لكن ذكرها في من ارتد زلة، والله أعلم، فليحرر.
পৃষ্ঠা ৭১