قوله: «أوى إلى الله فآواه الله» قال ابن حجر: "قال القرطبي: الرواية الصحيحة بقصر الأول ومد الثاني وهو المشهور في اللغة، وفي القرآن: {اذ اوى الفتية إلى الكهف} [الكهف:10] بالقصر، {وءاويناهمآ إلىا ربوة} [المؤمنون:50]بالمد، وحكي في اللغة القصر والمد معا فيهما، ومعنى أوى إلى الله لجأ إلى الله، أو على الحذف أي انضم إلى مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعنى فآواه الله أي جازاه بنظير فعله بأن ضمه إلى رحمته ورضوانه. وفيه استحباب الأدب في مجالس العلم، وفضل سد الحلقة ما لم يؤذ، فإن خشي استحب الجلوس حيث انتهى كما فعل الثاني، وفيه الثناء على من زاحم في طلب الخير، انتهى".
قوله: «فاستحيى» أي ترك المزاحمة كما فعل رفيقه حياء من النبي صلى الله عليه وسلم وممن حضر، قاله القاضي عياض، إلى آخره.
قوله: «فاستحيى الله منه» قال ابن حجر: "أي رحمه ولم يعاقبه".
قوله: «فأعرض الله عنه». قال ابن حجر "أي سخط عليه"، وهو محمول على من ذهب معرضا لا لعذر، هذا إذا كان مسلما، ويحتمل أن يكون منافقا واطلع النبي صلى الله عليه وسلم على أمره، كما يحتمل أن يكون قوله صلى الله عليه وسلم: "فأعرض الله عنه" إخبارا ودعاء، ووقع في حديث أنس: "فاستغنى فاستغنى الله عنه" وهذا يرشح كونه خبرا.
وإطلاق الإعراض وغيره في حق الله على سبيل المقابلة والمشاكلة فيحمل كل لفظ منها على ما يليق بجلاله سبحانه وتعالى. وفائدة إطلاق ذلك بيان الشيء بطريق واضح. وفيه جواز الإخبار عن أهل المعاصي وأحوالهم للزجر عنها، وأن ذلك لا يعد من الغيبة. وفي الحديث فضل ملازمة حلق العلم والذكر، وجلوس العالم والذاكر في المسجد، وفيه الثناء على المستحيي، والجلوس حيث ينتهي به المجلس. ولم أقف في شيء من طرق هذا الحديث على تسمية واحد من الثلاثة المذكورين، والله أعلم، انتهى".
<1/39> الباب الخامس
পৃষ্ঠা ৩৯