57

Hāshiyat Ibn ‘Ābidīn

حاشية ابن عابدين

প্রকাশক

شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده

সংস্করণের সংখ্যা

الثانية

প্রকাশনার বছর

১৩৮৬ AH

প্রকাশনার স্থান

مصر

فَمَا فِي الْمَشْرِقَيْنِ لَهُ نَظِيرٌ ... وَلَا فِي الْمَغْرِبَيْنِ وَلَا بِكُوفَهْ يَبِيتُ مُشَمِّرًا سَهِرَ اللَّيَالِيَ ... وَصَامَ نَهَارَهُ لِلَّهِ خِيفَهْ فَمَنْ كَأَبِي حَنِيفَةَ فِي عُلَاهُ ... إمَامٌ لِلْخَلِيفَةِ وَالْخَلِيقَهْ رَأَيْت الْعَائِبِينَ لَهُ سَفَاهًا ... خِلَافَ الْحَقِّ مَعَ حِجَجٍ ضَعِيفَهْ وَكَيْفَ يَحِلُّ أَنْ يُؤْذَى فَقِيهٌ ... لَهُ فِي الْأَرْضِ آثَارٌ شَرِيفَهْ ــ [رد المحتار] وَالْبَيَانِ لَا فِي الْأَحْكَامِ؛ لِأَنَّ الزَّبُورَ مَوَاعِظُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي الزِّينَةِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ زَانَ مَا ذُكِرَ كَمَا زَيَّنَتْ النُّقُوشُ الطُّرُوسَ ط. (قَوْلُهُ: فَمَا فِي الْمَشْرِقَيْنِ إلَخْ) الْمَشْرِقُ مَحَلُّ الشُّرُوقِ: أَيْ الطُّلُوعُ وَالْمَغْرِبُ مَحَلُّ الْغُرُوبِ وَثَنَّاهُمَا أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا وَاحِدٌ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى - ﴿رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ﴾ [الرحمن: ١٧]- عَلَى إرَادَةِ مَشْرِقَيْ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ وَمَغْرِبَيْهِمَا قَالَهُ الْبَيْضَاوِيُّ، وَقِيلَ مَشْرِقُ الشَّمْسِ وَالْفَجْرِ وَمَغْرِبُ الشَّمْسِ وَالشَّفَقِ، أَوْ مَشْرِقِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَمَغْرِبَيْهِمَا، وَجُمِعَا فِي قَوْله تَعَالَى - ﴿بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ﴾ [المعارج: ٤٠]- بِاعْتِبَارِ الْأَقْطَارِ أَوْ الْأَيَّامِ أَوْ الْمَنَازِلِ أَفَادَهُ ط. (قَوْلُهُ: وَلَا بِكُوفَةَ) خَصَّهَا بِالذِّكْرِ مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ الْمَشْرِقَيْنِ وَالْمَغْرِبَيْنِ وَمَا بَيْنَهُمَا بِقَرِينَةِ الْمَقَامِ، لِأَنَّهَا بَلَدُهُ، أَوْ لِأَنَّهَا مِنْ أَعْظَمِ بِلَادِ الْإِسْلَامِ يَوْمَئِذٍ. قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الْكُوفَةُ الرَّمْلَةُ الْحَمْرَةُ الْمُسْتَدِيرَةُ أَوْ كُلُّ رَمْلَةٍ يُخَالِطُهَا حَصْبَاءُ وَمَدِينَةُ الْعِرَاقِ الْكُبْرَى، وَقُبَّةُ الْإِسْلَامِ، وَدَارُ هِجْرَةِ الْمُسْلِمِينَ، مَصَّرَهَا سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَكَانَتْ مَنْزِلَ نُوحٍ وَبَنَى مَسْجِدَهَا، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِاسْتِدَارَتِهَا وَاجْتِمَاعِ النَّاسِ بِهَا، وَيُقَالُ لَهَا كَوْفَانُ وَيُفْتَحُ وَكُوفَةُ الْجُنْدِ؛ لِأَنَّهَا اُخْتُطَّتْ فِيهَا خُطَطُ الْعَرَبِ أَيَّامَ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - خَطَّطَهَا السَّائِبُ بْنُ الْأَقْرَعِ الثَّقَفِيُّ إلَخْ. (قَوْلُهُ: يَبِيتُ مُشَمِّرًا إلَخْ) التَّشْمِيرُ: الْجِدُّ وَالتَّهَيُّؤُ قَامُوسٌ، وَسَهِرَ فِعْلٌ مَاضٍ وَالْجُمْلَةُ حَالٌ عَلَى إضْمَارِ قَدْ مِثْلُهَا فِي قَوْله تَعَالَى - ﴿أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ﴾ [النساء: ٩٠]- أَوْ صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ، وَالْأُولَى أَنْسَبُ بِقَوْلِهِ، وَصَامَ وَلِلَّهِ مُتَعَلِّقٌ بِصَامَ وَخِيفَهْ مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ، وَزَادَ فِي تَنْوِيرِ الصَّحِيفَةِ بَعْدَ هَذَا الْبَيْتِ بَيْتَيْنِ وَهُمَا: وَصَانَ لِسَانَهُ عَنْ كُلِّ إفْكٍ ... وَمَا زَالَتْ جَوَارِحُهُ عَفِيفَهْ يَعِفُّ عَنْ الْمَحَارِمِ وَالْمَلَاهِي ... وَمَرْضَاةُ الْإِلَهِ لَهُ وَظِيفَهْ وَنَنْقُلُ نُبْذَةً يَسِيرَةً شَاهِدَةً لِهَذِهِ الْأَبْيَاتِ عَنْ ابْنِ حَجَرٍ. قَالَ الْحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: قَدْ تَوَاتَرَ قِيَامُهُ بِاللَّيْلِ وَتَهَجُّدُهُ وَتَعَبُّدُهُ، أَيْ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ يُسَمَّى الْوَتَدَ لِكَثْرَةِ قِيَامِهِ بِاللَّيْلِ، بَلْ أَحْيَاهُ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي رَكْعَةٍ ثَلَاثِينَ سَنَةً، وَكَانَ يُسْمَعُ بُكَاؤُهُ بِاللَّيْلِ حَتَّى يَرْحَمَهُ جِيرَانُهُ. وَوَقَعَ رَجُلٌ فِيهِ عِنْدَ ابْنِ الْمُبَارَكِ فَقَالَ: وَيْحَك، أَتَقَعُ فِي رَجُلٍ صَلَّى خَمْسًا وَأَرْبَعِينَ سَنَةً الْخَمْسَ صَلَوَاتٍ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ، وَكَانَ يَجْمَعُ الْقُرْآنَ فِي رَكْعَةٍ، وَنَظَّمْت مَا عِنْدِي مِنْ الْفِقْهِ مِنْهُ. وَلَمَّا غَسَّلَهُ الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ قَالَ: رَحِمَك اللَّهُ، وَغَفَرَ لَك، لَمْ تُفْطِرْ مُنْذُ ثَلَاثِينَ سَنَةً. وَقَدْ أَتْعَبْت مَنْ بَعْدَك، وَفَضَحْت الْقُرَّاءَ. وَقَالَ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ: كَانَ هَيُّوبًا، لَا يَتَكَلَّمُ إلَّا جَوَابًا، وَلَا يَخُوضُ فِيمَا لَا يَعْنِيهِ، وَلَا يَسْتَمِعُ إلَيْهِ. وَقِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ، فَانْتَفَضَ وَطَأْطَأَ رَأْسَهُ ثُمَّ قَالَ: يَا أَخِي جَزَاك اللَّهُ خَيْرًا، مَا أَحْوَجَ أَهْلَ كُلِّ وَقْتٍ إلَى مَنْ يُذَكِّرُهُمْ اللَّهَ تَعَالَى. وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ: كَانَ شَدِيدَ الْوَرَعِ، هَائِبًا لِلْحَرَامِ، تَارِكًا لِكَثِيرٍ مِنْ الْحَلَالِ مَخَافَةَ الشُّبْهَةِ، مَا رَأَيْت فَقِيهًا أَشَدَّ مِنْهُ صِيَانَةً لِنَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: رَأَيْت) أَيْ عَلِمْت أَوْ أَبْصَرْت، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَالْعَائِبِينَ مَفْعُولُهُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ

1 / 62