وغيرها وأن لا تسقط في الدرج أصلا مع أنها تسقط في الدرج في غير النداء. نقل عن الخليل أنه قال: أصل هذه الهمزة القطع لأنه إنما جيء بها لأجل التعويض لا للتعريف إلا أنها أسقطت في الدرج في غير النداء طلبا للخفة لكثرة استعمال اللفظ الشريف، ولم تسقط حالة النداء لأن إسقاطها فيها يوهم كونها أداة التعريف وأن إثباتها فيها يستلزم اجتماع أداتي تعريف فأثبتت حالة النداء رعاية لما هو الأصل فيها وهو كونها للقطع مع أن إسقاطها فيها طلبا للخفة يوهم خلاف الواقع وهو كونها أداة التعريف.
قوله: (إلا أنه يختص بالمعبود بالحق) استدراك بمعنى لكنه وضمير أنه للفظ الجلالة المذكور سابقا. ووجه الاستدراك أنه لما ذكر أن أصل لفظ الجلالة إله وهو اسم جنس يطلق على كل معبود حقا كان أو باطلا كما في قوله تعالى: وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا [طه: 97] وقوله: أرأيت من اتخذ إلهه هواه [الفرقان: 43] نشأ من ذلك توهم أن لفظ الجلالة أيضا اسم جنس يصح إطلاقه على غير المعبود بالحق فاحتيج إلى رفع هذا الوهم فرفعه بقوله: «إلا أنه يختص بالمعبود» يعني أن الإله المحلى باللام قبل أن يغلب استعماله في فرد معين من أفراد جنس إله يطلق على كل معبود سواء كان معبودا بالحق أولا لأنه ليس علما قصديا موضوعا لذاته المخصوصة ابتداء بل هو علم اتفاقي عرضت له العلمية بأن كثر استعماله حال كونه محلى بلام العهد في فرد معين من أفراد جنسه بكون ذلك الفرد معهودا للمخاطب بسبب شهرة ذلك الفرد المعهود من بين أفراد جنسه بكونه فردا لذلك الجنس، وإن إلاها المنكر اسم جنس يقع على كل معبود فإذا كان فرد من أفراده أي فرد كان معهودا للمخاطب وأشرت إليه بلفظ الإله المحلى بلام العهد صحت الإشارة إليه وإن لم يكن معبودا بالحق، وإذا كان ذلك الفرد المعهود معبودا بالحق وكثر استعمال لفظ الإله المحلى بلام العهد فيه لكونه أشهر أفراد ذلك الجنس بكونه فردا له بحيث صار ما عدا ذلك الفرد كأنه ليس فردا يصير لفظ الإله علما له بغلبته عليه وإن كان في أصله أي مع قطع النظر عن غلبته عليه يصح إطلاقه على كل فرد من أفراد المعبود، فإن قلت: لا شك أن المعبود بكونه موضوعا لذات مبهمة باعتبار بعض معانيه وأوصافه من غير ملاحظة ذلك الشيء المبهم بخصوصية ما ليس باسم مقابل للصفة بل هو من قبيل الصفة ومعناه شيء ما تعلق به العبادة وصار معبودا، وقوله: «والإله في أصله لكل معبود» يدل على أنه بمعنى المعبود فيلزم أن يكون صفة كالمعبود وهو في هذا الموضع بصدد بيان أنه اسم مشتق لا صفة فما وجه كلامه؟ قلنا: ليس المراد بقوله: «والإله في أصله لكل معبود» أنه بمعنى المعبود أو مرادف له حتى يكون صفة كالمعبود بل المراد أنه اسم يقع على ذوات المعبود مطلقا ثم غلب على
পৃষ্ঠা ৫০