على معنى الفعل في الأصل، فيكون المعنى هو المستحق للعبادة فيهما كما ذهب إليه أكثر أهل التفسير. ولما توقف إفادة ظاهر الآية معنى صحيحا على كون لفظ الجلالة وصفا في الأصل كان القول بعدم كونه وصفا في الأصل عدولا عن الظاهر من غير ضرورة لاستلزامه صرف الآية عن ظاهرها بحملها على أحد الوجهين المذكورين سابقا أو بجعل الظرف متعلقا باسم الله باعتبار ملاحظة المعنى الوصفي الخارج عن مفهوم الاسم، كما في قول الشاعر:
أسد علي وفي الحروب نعامة
أي جرى علي وهو أيضا خلاف الظاهر. والوجه الثالث من الوجوه الدالة على كونه وصفا في الأصل إذ لا بد أن يكون مشتقا من أحد الأصول المذكورة لتحقق معنى الاشتقاق منه لتحقق المشاركة بينه وبين الأصول المذكورة، ويرد عليه أن كونه مشتقا لا يقتضي كونه وصفا في الأصل وإنما يقتضيه أن لو وجب كون المشتق موضوعا لذات مبهمة وليس كذلك فإن أسماء الزمان والمكان والآلة مشتقات وليست بصفات لدلالتها على ذوات معينة بنوع تعين. والقول الرابع من الأقوال الأربعة التي ذكرها المصنف في لفظ الجلالة أنه لفظ سرياني معرب وقد ذكره بقوله: «وقيل أصله لاها بالسريانية فعرب بحذف الألف الأخيرة وإدخال اللام» والحاصل أن الأمة اختلفوا في أن لفظ الجلالة هل هو سرياني أو عربي؟ ومن قال عربي اختلفوا في أنه علم قصدي لذاته المخصوصة غير متفرع على أصل وغير مشتق من مأخذ أو هو متفرع على أصل ومأخذ؟ ومن قال إنه متفرع على أصل اختلفوا في أنه هل هو وصف في الأصل أو موضوع لذات مبهمة باعتبار معنى معين؟ أو هو اسم موضوع لذات معينة كالإنسان والفرس والعلم والجهل ونحوها؟ ومن قال إنه اسم أوله الذي همزته منقلبة عن واو أصلية كان أصله ولاه كاءعا واءشاح أو لاه مصدره لاه يليه ليها ولاها إذا احتجب وارتفع فإن لاه له معنيان: أحدهما الاحتجاب كما في قول الشاعر:
لاهت فما عرفت يوما بجارحة ... يا ليتها خرجت حتى رأيناها
وثانيهما الارتفاع يقال لاه فلان أي ارتفع فقوله: «لأنه تعالى محجوب عن إدراك الأبصار» ناظر إلى المعنى الأول وقوله: «ومرتفع على كل شيء» ناظر إلى الثاني أي مستعل على كل شيء استعلاء معنويا رتبيا، وأيضا هو مرتفع أي منزه عما لا يليق به من الأقوال والأفعال والصفات.
পৃষ্ঠা ৪৭