ولم تكتب الألف على ما هو وضع الخط لكثرة الاستعمال وطولت الباء عوضا عنها. والله أصله إله فحذفت الهمزة وعوض عنها الألف واللام، قوله: (ولم تكتب الألف على ما هو وضع الخط) جواب عما يقال إن همزات الوصل حكمها في الابتداء الثبوت، وفي الأصل السقوط لفظا لا كتابة كما في اقرأ باسم ربك [العلق: 1] فلم لم يكتبوها في بسم الله؟ فأجاب عنه بتسليم أن ذلك هو الأصل لكن خولف هذا الأصل في بسم الله لكثرة استعماله تلفظا وكتابة وكثرة الاستعمال تقتضي التخفيف من أي وجه كان مع أنها لم تترك بالكلية بل إنها لما حذفت بعد الباء طولوا هذا الباء ليدل طولها على الألف المحذوفة التي على صورتها الأصلية. وقيل: إنما طولوا الباء لأنهم ما أرادوا أن يستفتحوا كتاب الله تعالى إلا بحرف أعظم. وكان عمر بن عبد العزيز يقول لكتابه: طولوا الباء وأظهروا السين، أي فرقوا بين أسنانها والمعنى وأظهروا أسنان حرف السين ودوروا الميم تعظيما لكتاب الله تعالى بل محافظة على تفخيم الاسم نظرا إلى جلالة ما أريد به من أسماء الله المعظمة بعظمة مسماها. قوله: (والله أصله إله) هذه العبارة أحسن مما وقع في الكشاف وهو قوله: «والله أصله الإله» لأنه يوهم أن الألف واللام معتبر في أصله وليس كذلك للوفاق على زيادتهما على أصله لقصد التعريف والإشارة إلى إله بالتنكير. قوله: (فحذفت الهمزة وعوض عنها الألف واللام) أي حذفت على خلاف القياس لأن المحذوف قياسا في حكم المثبت فلا يعوض عنه بشيء. واعلم أنه كما تحيرت الأوهام في ذات الله تعالى وصفاته كذلك تحيرت في اللفظ الدال عليه أنه هل هو اسم؟ أو صفة مشتق أو غير مشتق؟ علم أو غير علم؟ إلى غير ذلك. والمراد بكون لفظ الجلالة مشتقا كونه مأخوذا من أصل بنوع تصرف فيه لا المشتق الذي يذكر في مقابلة أسماء الأعلام وأسماء الأجناس، فإنه من قبيل الصفة كالضارب والمضروب وقد ذكر كونه اسما مشتقا منها في مقابلة كونه صفة مشتقة. واعلم أيضا أن الاسم المقابل للفعل والحرف ينقسم إلى اسم وصفة بأن يقال: الاسم إما أن يكون موضوعا لذات معينة بلا اعتبار معنى من المعاني المتعلقة بها كالفرس والعلم أو يكون موضوعا لها باعتبار معنى كذلك كالرجل الموضوع للإنسان مع معنى المذكورة وكالأحمر إذا جعل علما لشخص فيه حمرة وكأسماء الزمان والمكان والآلة والإمام والكتاب، وإما أن يكون موضوعا لذات مبهمة مع معنى معين كالضارب والمضروب والحسن والأحسن والأحمر الغير الأعلام، ويقال للقسم الأول اسم وللثاني صفة، فإن الأمثلة المذكورة للقسم الأول موضوعة لذات اعتبر فيها نوع تعين بخلاف نحو الضارب والمضروب فإن الذات الملحوظة في مفهومه ليس فيها شائبة التعين بل هي معتبرة على وجه الإبهام
পৃষ্ঠা ৪৪