ومن أجله اختلف في أنها آية برأسها أم بما بعدها؛ والإجماع على أن ما بين الدفتين يدل على أنها ليست آية تامة منها بل هي بعض آية وإنما تتم آية بما بعدها. قوله: (ومن أجله) أي ومن أجل الاختلاف بين مدلولي الروايتين. وفي بعض النسخ «ومن أجلهما» أي ومن أجل هاتين الروايتين أو الحديثين وقع الاختلاف بين الشافعية في أن التسمية آية برأسها أو بما بعدها وهو قوله تعالى: الحمد لله رب العالمين. قوله: (والإجماع) بالرفع عطف على قوله: «أحاديث» وكذا قوله: «والوفاق». والأول إشارة إلى الإجماع القولي والثاني إلى الإجماع الفعلي، وإنما قلنا إن الثاني أيضا إجماع لأنه لا يخرج عن الأدلة الأربعة وهي:
الكتاب والسنة والإجماع والقياس ومعلوم أن الثاني ليس من قبيل الأدلة التي هي غير الإجماع فتعين أنه من قبيل الإجماع، فإن قيل: هذان الإجماعان إنما يدلان على قرآنية البسملة لا على كونها من الفاتحة وقرآنيتها لا تستلزم كونها منها والمقصود إثبات كونها منها فلا يتم التقريب، قلنا: المقصود بالذات بيان الاختلاف الواقع بين قراءة مكة والمدينة وما ذكره الشافعية من الأدلة يثبت قرآنيتها فيتم التقريب إلا أن الدليلين الأخيرين يثبتان قرآنيتها صريحا والأولين يثبتان ذلك في ضمن إثبات كونها من الفاتحة. واعترض على قوله:
«والإجماع على أن ما بين الدفتين كلام الله» بأن أسماء السور وكونها مكية أو مدنية وعدد الآي مما بين الدفتين وليس شيء منها بقرآن. وأجيب عنه أولا بأن المراد بما بين الدفتين ما بين دفتي جميع المصاحف المتقدمة المكتوبة في زمن الصحابة والتابعين وشيء مما ذكر لم يكن في المصاحف المتقدمة بل هي أمور محدثة وقعت في المصاحف الحديثة فلا يرد النقض بها، وثانيا بأن يقال سلمنا أن المراد به ما بين دفتي مصاحف زماننا لكن المراد بما بينهما ما فيه احتمال القرآنية والأمور المذكورة ليس فيها احتمال القرآنية لا تكتب بما يكتب به القرآن بل تميز عنه بأن تكتب بمداد يخالف لونه لون المداد الذي يكتب به القرآن أو بقلم غير القلم الذي يكتب به القرآن فلا تظن كونها من القرآن، وإن كانت مثبتة فيما بين دفتي المصاحف كما لم يكتب لفظ آمين في آخر الفاتحة مع أنه مما يقوله السامع والتالي لئلا يظن أنه من القرآن بخلاف البسملة فإنها مثبتة في جميع المصاحف قديمها وحديثها بما يكتب به القرآن من المداد والقلم فثبت فيها بذلك احتمال القرآنية وتعين قرآنيتها بالإجماع المذكور.
والبسملة مصدر قولك: بسمل أي قال: بسم الله نحو حوقل أي قال: لا حول ولا قوة إلا بالله وهلل وحمدل وحيعل أي قال: لا إله إلا الله، والحمد لله، وحي الصلاة، ومثله الحسبلة وهي قوله: حسبنا الله ونعم الوكيل، والسبحلة وهي قوله: سبحان الله، والجعلفة وهي قوله: جعلت فداك، والطلبقة والدمعزة وهي قوله: أطال الله بقاك وأدام عزك. وهذا شبيه بباب النحت في النسب فإنهم يأخذون اسمين فينحتون منهما واحدا فينسبون إليه
পৃষ্ঠা ৩০