الذي هو رئيس العلوم الدينية ورأسها، ومبنى قواعد الشرع وأساسها، لا يليق لتعاطيه والتصدي للتكلم فيه إلا من برع في العلوم الدينية كلها أصولها وفروعها، وفاق في الصناعات العربية، والفنون الأدبية، بأنواعها.
الأدلة المبنية والمؤسسة على هذا العلم. قوله: (لا يليق لتعاطيه) أي لتناوله والتصدي للتكلم فيه بالتأويل واستخراج لطائف تتعلق بالأحكام إلا من برع، بفتح الراء المهملة وضمها أيضا والعين المهملة، أي فاق أصحابه في العلوم الدينية كلها أصولها يتناول علم الحديث والكلام وأصول الفقه وفروعها يتناول الفقه وعلم الأخلاق. قوله: (وفاق في الصناعات العربية) العلم إن لم يتعلق بكيفية العمل كان مقصودا في نفسه ويخص باسم العلم وإن كان متعلقا بها كان المقصود منه ذلك العمل ويسمى صناعة في عرف الخاصة وينقسم إلى قسمين: قسم يمكن حصوله بمجرد النظر والاستدلال كالطب، وقسم لا يحصل إلا بمزاولة العمل كالخياطة وهذا القسم يخص باسم الصناعة في عرف العامة.
قوله: (والفنون الأدبية بأنواعها) سميت بالأدبية لتوقف أدب النفس في المحاورة والدرس عليها وعرفوا علم الأدب وقد يسمى بعلم العربية أيضا بأنه علم يحترز به عن الخلل في كلام العرب لفظا أو كتابة وقسموه إلى اثني عشر قسما بعضها أصول: وهي اللغة والصرف والاشتقاق والنحو والمعاني والبيان والعروض والقافية وبعضها فروع: وهي الخط وقرض الشعر والإنشاء والمحاضرات ومنه التواريخ والقرض القطع والقرض أيضا قيل: الشعر خاصة يقال: قرضت الشعر أقرضه إذا قلته والشعر قريض، والمحاضرات المحاورات والإنشاء تأليف نحو الرسائل والخطب. وأما علم البديع فقد جعلوه ذيلا لعلمي المعاني والبيان لا قسما برأسه لعدم دخوله في تعريف علم الأدب إلا أن بعضا من هذه الفنون لا يستمد منه علم التفسير أو هو علم العروض والقافية وقرض الشعر والخط والإنشاء لأن ما سوى الإنشاء لا دخل له في إفادة المعنى أصلا مع اختصاص ما سوى الخط بالشعر والإنشاء لا تعلق له بالقرآن، فينبغي أن يكون المراد بقوله: «بأنواعها» أنواعها الكاملة التي لها مدخل في إفادة المعنى. ثم إن علم القراءة معتبر في التفسير فإما أن يجعل مما يستمد منه ويندرج في العلوم الدينية دون العربية لأن المراد بها ما لا يختص بكلام دون كلام وهو يختص بالقرآن، أو يجعل من التفسير على ما يفهم من إشارة المصنف كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
ويعرف علم التفسير بما يعرف به معاني كلام الله تعالى أو ألفاظه بحسب الطاقة البشرية فيكون تسمية المجموع بعلم التفسير من باب تسمية الشيء باسم أشرف أجزائه فإن قيل:
كونه رئيس العلوم الدينية ورأسها ومبنى قواعد الشرع وأساسها يقتضي تقدمه على العلوم الدينية وانحصار لياقة تعاطيه والتكلم فيه فيمن برع في العلوم الدينية يقتضي تأخره عنها فأوجه
পৃষ্ঠা ২০