الشارح: «أو» اقتضى الخطاب «التخيير» بين فعل الشيء وتركه «فإباحة» ذكر التخيير سهو، إذ لا اقتضاء في الإباحة، والصواب: «أو خير»، كما في المنهاج، عطفا على «اقتضى»، وقابل الفعل بالترك نظرا للعرف، وإلا فالترك المقتضى في الحقيقة فعل هو الكف، كما سيأتي أنه لا تكليف إلا بفعل، وأنه في النهي الكف.
المحشي: قوله: «ذكر التخيير سهو» إلى آخره، ليس بسهو فإن «اقتضى» يأتي بمعنى «أعلم». ومنه قوله تعالى: (وقضينا إليه ذلك الأمر) الحجر: 66، وبمعنى «أدى»، ومنه قولهم: اقتضى دينه. غايته أنه استعمل المشترك في معنييه، وهو جائز كما سيأتي بيانه، على أنه قيل: إن المباح مأمور به، مع أن الإطلاق بدون ذلك سائغ تغليبا، ولأنه يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع.
قوله: «وقابل الفعل بالترك نظرا للعرف» إلى آخره، أي فلو قال: فإن اقتضى الخطاب فعلا غير كف اقتضاء جازما إلى آخره، ثم قال: أو كفا جازما إلى آخره لوافق ما سيأتي.
الأحكام الوضعية
صاحب المتن: وإن ورد سببا، وشرطا، ومانعا، وصحيحا، وفاسدا،
الشارح: «وإن ورد» الخطاب النفسي يكون الشيء «سببا وشرطا ومانعا وصحيحا وفاسدا» «الواو» للتقسيم، وهي فيه أجود من «أو» كما قاله ابن مالك. وحذف ما قدرته، كما عبر به في المختصر، أي كون الشيء للعلم به معنى،
المحشي: قوله: «وهي فيه أجود من «أو» كما قاله ابن مالك»، أي لأنها للجمع في الحكم، فهي أنسب بجمع الحكم في أفراد المقسم وهو هنا الشيء المقدر، بخلاف «أو»، وهذا في تقسيم الكلي إلى جزئياته كما هنا، أما في تقسيم الكل إلى أجزائه، فلا يقال إنها أجود، بل متعينة. قوله «أي كون الشيء» المناسب لما قدره «بكون الشيء» بالباء لكنه راعى في حذفها عبارة المختصر. قوله: «للعلم به معنى» أي لأن من المعلوم أن الخطاب النفسي لا يكون سببا مثلا، وإنما هو الوارد بكون الشيء سببا لشيء أو شرطا إلى آخره.
الشارح: مع رعاية الاختصار. ووصف النفسي بالورود مجاز، كوصف اللفظي به الشائع. والشيء: يتناول فعل المكلف، وغير فعله، كالزنا سببا لوجوب الحد، والزوال سببا لوجوب الظهر، وإتلاف الصبي -مثلا- سببا لوجوب الضمان في ماله، وأداء الولي منه.
المحشي: كجعل الشارع الزنا سببا لوجوب الحد وتقدم تحريره، قوله: «الشائع» نبه به على أن هذا المجاز شائع في الخطاب اللفظي دون النفسي.
قوله: «والشيء» أي في قوله: «بكون الشيء».
صاحب المتن: فوضع، وقد عرفت حدودها.
الشارح: «فوضع» أي فهذا الخطاب يسمى وضعا، ويسمى خطاب وضع أيضا، لأن متعلقه بوضع الله، أي بجعله كما يسمى الخطاب المقتضى، أو المخير الذي هو الحكم المتعارف كما تقدم، خطاب تكليف، لما تقدم.
«وقد عرفت حدودها» أي حدود المذكورات من أقسام خطاب التكليف، ومن خطاب الوضع، فحد الإيجاب الخطاب المقتضى للفعل اقتضاء جازما، وعلى هذا القياس.
وسيأتي حدود السبب وغيره من أقسام متعلق خطاب الوضع، وكذا حد الحد بالجامع المانع الدافع للاعتراض، بأن ما عرف رسوم لا حدود، لأن المميز فيها خارج عن الماهية.
المحشي: قوله: «لما تقدم» أي من أنه خطاب متعلق بفعل المكلف من حيث إنه ملزم ما فيه كلفة. قوله: «من أقسام خطاب التكليف» أي وكذا من أقسام متعلقه، وإنما سكت عنها لأنها علمت من تلك.
قوله: «ومن خطاب الوضع» نبه بتكرير «من» على أن حدود أقسام خطاب الوضع لم تعرف مما ذكر، بل من حدود متعلقاته الآتية، كما نبه عليه بقوله «وسيأتي حدود السبب» إلى آخره، هذا والأولى أنها تعرف أيضا مما ذكره بقوله «وإن ورد» إلى آخره، فحد السبب منه مثلا الخطاب، بكون الشيء سببا لحكم شيء.
পৃষ্ঠা ২৪