فانظر كيف جعل رحمه الله ما جعله المصنف نفس الاستصحاب، محلا له!
وجعل الاستصحاب عبارة عن الحكم ببقاء هذا المتيقن سابقا المشكوك لاحقا، لا نفس كونه متيقنا سابقا مشكوكا لاحقا!
والحاصل: أن المتصدين لتعريف الاستصحاب طرا بين معرف له بما يرجع حاصله إلى إبقاء ما كان على ما كان - وهم الأكثرون - وبين صرف له بنفس القاعدة، كما اختاره شارحا الوافية (1) والمختصر (2).
اللهم إلا أن يؤول كلام المصنف بما يرجع - بالآخرة - إلى ما عرفه به الأولون، أو يوجه تعريف الآخرين على وجه ينطبق معه تعريف المصنف.
أما الثاني: فسيأتي عند نقل المصنف لتعريف العضدي (3).
وأما الأول، فبأن يقال: إن لفظة " الكون " تامة بمعنى الثبوت، وقوله:
" يقيني الحصول في الآن السابق، مشكوك البقاء " - بالجر - صفتان لقوله:
" حكم أو وصف "، وقوله: " في الآن اللاحق " متعلق بالكون.
هذا كله مع جعل الاستصحاب المحدود مصدرا مبنيا للمفعول مضافا إلى النائب عن الفاعل، فيصير المعنى: أن استصحاب الحال - أي مستصحبيته - هو ثبوت الحكم أو الوصف الكذائي في الآن اللاحق، فإن الاستصحاب بالمصدر المبني للفاعل لما كان هو إثبات الحكم الكذائي في الآن اللاحق، كان بالمصدر المبني للمفعول ثبوت الحكم الكذائي في الآن اللاحق، وهذا بعينه هو الذي أراده القوم، إلا أنهم عرفوا الاستصحاب بالمصدر المعلوم الذي هو فعل الشخص، والمصنف عرف الاستصحاب الذي هو صفة
পৃষ্ঠা ২৪