للجملة الحالية، والكابر بمعنى الكبير كالصاغر بمعنى الصغير قال الجوهري: قولهم كابرا عن كابر: أي كبيرا منهم عن كبير. وفى الأساس أنه من كبرته أي غلبته في الكبر فأنا كابر (قوله والرحمن فعلان من رحم) فان قلت: الرحمن صفة مشبهة فلا تشتق إلا من فعل لازم فكيف اشتق من رحم وهو متعد؟ وكذا القول في رب وملك حيث عدا صفة مشبهة، وأما الرحيم فإن جعل صيغة مبالغة كما نص عليه سيبويه في قولهم هو رحيم فلانا فلا إشكال فيه، وإن جعل صفة مشبهة كما يشعر به تمثيله بمريض وسقيم توجه عليه السؤال أيضا. قلت: الفعل المتعدى قد يجعل لازما بمنزلة الغرائز فينقل إلى فعل بضم العين ثم يشتق منه الصفة المشبهة، وهذا طمرد في باب المدح والذم نص عليه في تصريف المفتاح، وذكره المصنف في الفائق في رفيع وفقير، ألا ترى إلى قوله تعالى - رفيع الدرجات - معناه:
رفيع درجاته لا رافع للدرجات (قوله وفى الرحمن من المبالغة ما ليس في الرحيم) تلك المبالغة إما بحسب شمول الرحمن للدارين واختصاص الرحيم بالدنيا كما في الأثر الذي رواه، وإما بحسب كثرة أفراد المرحومين وقلتها كما ورد يا رحمن الدنيا ورحيم الآخرة، وإما بحسب جلالة النعم ودقتها كما اختاره في التسمية، والمدعى أن في الرحمن مبالغة في الرحمة ليست في الرحيم فيقصد به رحمة زائدة بوجه ما، فلا ينافيه ما يروى من قولهم يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما لجواز أن يراد بهما ههنا جلائل النعم ودقائقها (قوله ويقولون) استدل أولا بالمأثور عن السلف فجاء بصيغة الماضي، وهو استدلال بالاستعمال، وثانيا بالقول الدائر فيما بين العلماء فعبر عنه بالمضارع، وهو استدلال بالقياس، واستشهد ثالثا بما ذكره الزجاج في نظير الرحمن تمثيلا لتلك القاعدة المذكورة وإيماء إلى قياس الرحمن عليه في مطلق الأبلغية، ونقضت القاعدة بمثل حذر فإنه أبلغ من حاذر. وأجيب بأن الشرط في ذلك بعد تلاقى الكلمتين في الاشتقاق اتحادهما في النوع كصد وصديان وغرث وغرثان وفرح وفرحان، فاندفع النقض لأن حذرا وحاذر مختلفان نوعا. وقد يجاب بأن القاعدة أكثرية لا كلية فلا نقض، وبأن حذرا إنما كان أبلغ لإلحاقه في الثبوت بالأمور الجلية كشره وفهم وفطن، وذلك لا ينافي كون حاذر أبلغ بوجه آخر فجاز أن يدل على
পৃষ্ঠা ৪১