واحد "، وقد قال الله تعالى: ﴿شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ﴾ [الشورى: ١٣]؛ ولهذا كان جميع رسل الله وأنبيائه يصدق بعضهم بعضًا، لا يختلفون، مع تنوع شرائعهم.
فمن كان من المطاعين من العلماء والمشايخ والأمراء والملوك متبعًا للرسل: أمر بما أمروا به، ودعا إلى ما دعوا إليه، وأحب من دعا إلى مثل ما دعا إليه، فإن الله يحب ذلك، فيحب ما يحبه الله تعالى، وهذا قصده في نفس الأمر أن تكون العبادة لله تعالى وحده، وأن يكون الدين كله لله.
وأما من كان يكره أن يكون له نظير يدعو إلى ذلك، فهذا يطلب أن يكون هو المطاع المعبود، فله نصيب من حال فرعون وأشباهه.
فمن طلب أن يطاع دون الله، فهذا حال فرعون، ومن طلب أن يطاع مع الله، فهذا يريد من الناس أن يتخذوا من دون الله أندادًا يحبونهم كحب الله. والله ﷾ أمر ألا يعبد إلا إياه، وألا يكون الدين إلا له، وأن تكون الموالاة فيه، والمعاداة فيه، وألا يتوكل إلا عليه، ولا يستعان إلا به.
فالمؤمن المتبع للرسل يأمر الناس بما أمرتهم به الرسل، ليكون الدين كله لله، لا له، وإذا أمر أحد غيره بمثل ذلك أحبه وأعانه، وسر بوجود مطلوبه.
وإذا أحسن إلى الناس، فإنما يحسن إليهم ابتغاء وجه ربه الأعلى، ويعلم أن الله قد مَنَّ عليه بأن جعله محسنًا، ولم يجعله مسيئًا، فيرى أن عمله لله، وأنه بالله.
وهذا مذكور في فاتحة الكتاب، التي ذكرنا أن جميع الخلق محتاجون إليها أعظم من حاجتهم إلى أي شيء.
1 / 90