عَلَيْهِ وَكِيلًا﴾ [الفرقان: ٤٣]؟ والناس عنده في هذا الباب كما هم عند ملوك الكفار من المشركين من الترك وغيرهم، يقولون: " يا رباعي" أي: صديق وعدو. فمن وافق هواهم كان وليًا، وإن كان كافرًا مشركًا، ومن لم يوافق هواهم كان عدوا، وإن كان من أولياء الله المتقين، وهذه هي حال فرعون.
والواحد من هؤلاء يريد أن يطاع أمره بحسب إمكانه، لكنه لا يتمكن مما تمكن منه فرعون من دعوى الإلهية، وجحود الصانع.
وهؤلاء - وإن كانوا يقرون بالصانع لكنهم إذا جاءهم من يدعوهم إلى عبادته وطاعته المتضمنة ترك طاعتهم، فقد يعادونه، كما عادى فرعون موسى.
وكثير من الناس ممن عنده بعض عقل وإيمان، لا يطلب هذا الحد، بل يطلب لنفسه ما هو عنده، فإن كان مطاعًا مسلمًا طلب أن يطاع في أغراضه، وإن كان فيها ما هو ذنب ومعصية الله، ويكون من أطاعه في هواه أحب إليه وأعز عنده ممن أطاع الله وخالف هواه، وهذه شعبة من حال فرعون، وسائر المكذبين للرسل.
وإن كان عالمًا أو شيخًا، أحب من يعظمه دون من يعظم نظيره، حتى لو كانا يقرآن كتابا واحدًا كالقرآن، أو يعبدان عبادة واحدة متماثلان فيها، كالصلوات الخمس؛ فإنه يحب من يعظمه بقبول قوله والاقتداء به أكثر من غيره، وربما أبغض نظيره وأتباعه حسدًا وبغيًا، كما فعلت اليهود لما بعث الله محمدًا ﷺ يدعو إلى مثل ما دعا إليه موسى، قال تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ بِمَا أَنزَلَ اللهُ قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَاءهُ
1 / 87