والآخر، وله الحكم وإليه ترجعون، الذي يستحق الحمد والحب والرضا لذاته، ولإحسانه إلى عباده ﷾ يستحق أن يحمد لما له في نفسه من المحامد والإحسان إلى عباده. هذا حمد شكر، وذاك حمد مطلقًا.
وقد ذكرنا في غير هذا الموضع ما قيل: من أن كل ما خلقه الله فهو نعمة على عباده المؤمنين، يستحق أن يحمدوه ويشكروه عليه، وهو من آلائه؛ ولهذا قال في آخر سورة النجم: ﴿فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكَ تَتَمَارَى﴾ [النجم: ٥٥]، وفى سورة الرحمن يذكر: ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ﴾ [الرحمن: ٢٦] ونحو ذلك، ثم يقول عقب ذلك: ﴿فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ [الرحمن: ٢٨] .
وقال آخرون منهم الزجاج، وأبو الفرج ابن الجوزي: ﴿فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ أي: من هذه الأشياء المذكورة؛ لأنها كلها ينعم بها عليكم في دلالتها إياكم على وحدانيته، وفي رزقه إياكم ما به قوامكم.
وهذا قالوه في سورة الرحمن.
وقالوا في قوله: ﴿فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكَ تَتَمَارَى﴾ [النجم: ٥٥]؟: فبأي نِعَم ربك التي تدل على وحدانيته تتشكك؟ وقيل: تشك وتجادل؟ قال ابن عباس: تكذب؟
قلت: قد ضمن ﴿تَتَمَارَى﴾ معنى تكذب؛ ولهذا عداه بالتاء؛ فإن التماري تفاعل من المراء. يقال: تمارينا في الهلال. والمراء في القرآن كفر، وهو يكون تكذيب وتشكيك.
وقد يقال: لما كان الخطاب لهم، قال: ﴿تَتَمَارَى﴾ أي يتمارون، ولم يقل: تميرا؛ فإن التفاعل يكون بين اثنين تماريا. قالوا: والخطاب للإنسان. قيل:
1 / 70