أنه يفرق بين الحسنات والسيئات، وبين المحسن والمسيء، وأن من جوز عليه التسوية بينهما، فقد أتى بقول منكر، وزور ينكر عليه.
وليس إذا خلق ما يتأذى به بعض الحيوان لا يكون فيه حكمة، بل فيه من الحكمة والرحمة ما يخفى على بعضهم، مما لا يقدر قدره إلا الله.
وليس إذا وقع في المخلوقات ما هو شر جزئي بالإضافة يكون شرًا كليًا عاما، بل الأمور العامة الكلية لا تكون إلا خيرًا ومصلحة للعباد، كالمطر العام، وكإرسال رسول عام.
وهذا مما يقتضى أنه لا يجوز أن يؤيد الله كذابًا عليه بالمعجزات التي أيد بها أنبياءه الصادقين؛ فإن هذا شر عام للناس، يضلهم ويفسد عليهم دينهم ودنياهم وآخرتهم.
وليس هذا كالملك الظالم، والعدو؛ فإن الملك الظالم لابد أن يدفع الله به من الشر أكثر من ظلمه.
وقد قيل: ستون سنة بإمام ظالم، خير من ليلة واحدة بلا إمام.
وإذا قدر كثرة ظلمه، فذاك ضرر في الدين، كالمصائب تكون كفارة لذنوبهم ويثابون عليها، ويرجعون فيها إلى الله، ويستغفرونه ويتوبون إليه، وكذلك ما يسلط عليهم من العدو.
وأما من يكذب على الله، ويقول أي يدعى: إنه نبي، فلو أيده الله تأييد الصادق، للزم أن يسوى بينه وبين الصادق.
فيستوي الهدى والضلال، والخير والشر، وطريق الجنة وطريق النار، ويرتفع التمييز بين هذا وهذا، وهذا مما يوجب الفساد العام للناس في دينهم ودنياهم وآخرتهم.
ولهذا أمر النبي ﷺ بقتال من يقاتل على الدين الفاسد من
1 / 46