হাসাদ ফালসাফি
الحصاد الفلسفي للقرن العشرين : وبحوث فلسفية أخرى
জনগুলি
يفهم من هذه العبارة أن أوصاف العالم ليست سوى سلوك لغوي نقوم نحن به. وربما كان هدف رورتي من هذه العبارة هو معارضته لكل محاولة للربط بين أي تعبير لغوي أو أية فكرة وبين شيء آخر غير لغوي في إطار نظرية الصدق أو التطابق المزعومة. فنحن لا نستطيع - في رأيه - أن نتبين ما تحيل إليه عبارة أو فكرة أو مفهوم إلا من خلال تعبير لغوي آخر، وليس ثمة سبيل آخر يجعل الفكر يتلمس الواقع: «إن القول بأن الحقيقة أو الصدق ليست في الخارج هو القول ببساطة أنه حيث لا توجد عبارات لغوية فلا توجد حقيقة، وأن العبارات هي عناصر مكونة للغة البشرية، وأن اللغات البشرية هي إبداعات بشرية»،
36
إن العبارات الصادقة ليست مجرد إحالات إلى شيء وراءها، وإنما هي تعرض علينا الواقع الذي يتكون منه نسيج تجربتنا، فهي لا تعطينا شكل أو صورة الواقع، وإنما تمدنا كذلك بجوهر هذا الواقع. بهذا المعنى تربط اللغة بين التجربة البشرية والواقع. وبمعنى أكثر وضوحا إن علاقة اللغة بالواقع تعبر في الحقيقة عن معتقداتنا وآمالنا ورغباتنا وخبراتنا في هذا الواقع.
إن اللغة - كما يقر بهذا فيتجنشتين وأوستن - ليست مجرد لغة فقط؛ لأن الممارسات اللغوية هي ظواهر جوهرية في حياتنا تمدنا بمعتقدات صادقة نوجه سلوكنا وفقا لها. فمن المعروف أن الاعتقاد - إذا ما استبعدنا المدلول الديني لهذه الكلمة - هو اقتناع الإنسان بفكرة أو معتقد أو قضية ما لأسباب يراها المعتقد بهذه الفكرة مبررة ومقبولة لديه، حتى لو لم تكن كذلك بالنسبة للآخرين، ويدفعه هذا الاعتقاد إلى السلوك وفقا له. بمعنى آخر إن إيماننا بصدق معتقداتنا يحرك سلوكنا ويعطي لحياتنا معنى، وبذلك تصبح المعرفة جزءا من العملية السلوكية وليست مسألة ميتافيزيقية. والاعتقاد في صدق القضايا اللغوية يقوم إلى حد كبير على الاتفاق الجمعي على معاني الكلمات. فالكلمة الدالة على لون من الألوان، أو عضو من أعضاء الجسد، لا تفهم إلا في ضوء اتفاق مجتمع لغوي ما على معنى محدد لها، وترتيب حياته وسلوكه وفقا لذلك. معنى هذا أن اللغة أيضا - مثلها مثل كل الإبداعات البشرية - هي نتاج الزمن والتغير، لم تظهر اللغة لتتلاءم مع بناءات سابقة الوجود، بل يمكننا أن نقول: «إن اللغات أيضا عرضية
contingent
بمعنى أن العلاقة التي تربط بين الأصوات والعلامات التي يصنعها مستخدمو اللغة، وما يصاحب هذه الاستخدامات هي مخترعة وغير طبيعية
non-natural ، أي أن الصوت المستخدم لكي يشير إلى الماء - على سبيل المثال - هو صوت اعتباطي
arbitrary ، وهذا الصوت وليس صوتا آخر قد تم تداوله في هذا المجتمع. وربما يكون هذا الصوت مختلفا في مجتمع لغوي آخر، وهو في حقيقة الأمر مختلف، حتى على الرغم من أنه يشير إلى نفس الجسم وهو الماء.»
37
أصبحت المعرفة عند رورتي - مثله في ذلك مثل سائر البراجماتيين الذين يعد امتدادا لهم - خبرة حيوية نافعة تعرفنا بأنفسنا والواقع من حولنا. ولذلك فهو لا يفهم العالم بوصفه مجموعة من المعاني التي لها وجود مسبق، والتي تكتشف من خلال الفكر؛ لأنه يريد أن يفسح المجال للاكتشافات والمعارف الجديدة والمساهمات الخلاقة من خلال الاستعارات والنظريات الجديدة. فنحن لا نجد العالم سلسلة من الظواهر التي نعبر عنها باللغة، وإنما نحن الذين نصنع العالم من خلال اللغة، وما تمسك به اللغة ليس شيئا وهميا؛ لأن الاستخدام اللغوي الناجح يقاس بإضفاء الواقعية والموضوعية على خبراتنا. وبهذا المعنى تكون الظواهر التي نتلاءم معها، والتي تنعكس في سلوكنا قد أحسن صنعها أو إبداعها عندما نجد طريقنا في العالم، ونفهم كل ما يحيط بنا. بذلك يفهم رورتي اللغة فهما براجماتيا وسلوكيا مجاريا في ذلك ديوي وفيتجنشتين، حيث أصبحت اللغة عندهما صورة من الحياة يطورها الإنسان وفق أغراضه ونشاطه الحيوي. وتكشف اللغة أيضا - كما نرى عند فيتجنشتين - عن تشكيلات لغوية لألعاب متنوعة تستخدم فيها الكلمات والجمل استخدامات تفرض عليها معانيها، بحيث يتغير هذا المعنى إذا ما اختلفت اللعبة التي ترد فيها: «هناك عدد لا يحصى من الأنواع المختلفة لاستخدام ما نسميه «بالرموز» أو «الكلمات» أو «الجمل». وهذه الكثرة المتنوعة ليست ثابتة بحيث نعرفها مرة واحدة وإلى الأبد، بل يمكننا القول بأن هناك أنماطا جديدة للغة، وألعابا - لغوية جديدة تستحدث، بينما يكون قد توقف استخدام أنماط وألعاب - لغوية أخرى أصبحت مهملة وفي عداد النسيان.»
অজানা পৃষ্ঠা