হাসাদ ফালসাফি
الحصاد الفلسفي للقرن العشرين : وبحوث فلسفية أخرى
জনগুলি
ولم ينكر هابرماس الدور الكانطي والهيجلي في مشروعه الفلسفي، بل رأى «أن أساليب التفكير الترانسندنتالي والجدلي ما زالت صالحة؛ لأنها تستطيع أن تقدم الأسس والفروض النظرية التي تقوم عليها ميادين الفعل والتجربة والتواصل اللغوي. وتقديم أمثلة عن التعاون والتكامل الناجحين بين الفلسفة والعلم يمكن أن يتم من خلال معرفة تطور النظرية العقلانية بدون أي مطامح ذات نزعات تأسيسية أو أخلاقية على طريقة كانط أو هيجل ... ومن خلال تجاربي واهتماماتي البحثية بدا أن هناك تعاونا بين فلسفة العلم وتاريخ العلم، بين نظرية أفعال الكلام والدراسات التجريبية للتداول اللغوي»،
56
وبذلك دخلت الفلسفة في شكل من أشكال التعاون مع العلوم الإنسانية.
بهذه النظرة إلى رفع الفلسفة إلى علم إنساني فلسفي يتحول التفكير العقلي الفلسفي إلى نظرية نقدية لا يمكن لها أن تعمل مستقلة عن العلوم التجريبية، أو ما يسميه هابرماس علوم إعادة البناء الاجتماعي، على ألا تكون وظيفتها بحث نتائج العلوم خاصة بعد تزايد مجالات التخصص الدقيق في فروع العلوم المختلفة، بل تكون وظيفتها هي عمل نوع من الحوار، ووضع بعض الفروض التجريبية التي تنصب على المشاكل العملية مثل ممارسات الحياة اليومية والكلام والسلوك والتعاون مع العلوم المختلفة، وذلك كله دون أن تفقد ما يميز الفلسفة دائما، وهو الطابع الكلي، بل تمارس هذه الوظيفة الواقعية الجديدة في إطار العقلانية والحرية.
هكذا قام هابرماس بإعادة بناء النظرية النقدية، وجعل لها دورا أكثر تواضعا، وأدمجها داخل الحياة العملية والعلوم الاجتماعية والتجريبية. وتحتفظ الفلسفة عنده بدورها التقليدي كحارسة للعقل واستقلاله، ولكنها تستطيع الآن - كما يرى بومان - أن توظف المعارف التي تتوصل إليها العلوم الاجتماعية والتجريبية في نقد الحياة بالطريقة التي قام بها الإغريق ولأداء الدور السقراطي العريق في نقد الحياة.
57
إن للفلسفة دورا تؤديه من خلال التأمل في المعرفة والكلام والفعل، ومن خلال هذا التأمل تستطيع الفلسفة أن تساعد في تحديد أو إبراز بعض الشروط اللازمة لإقامة شكل من أشكال الحياة العقلانية، سواء استطاعت المجتمعات بعد ذلك أن تحققه أم خرجت عليه، بمعنى أن تساعدنا على فهم وتفسير ونقد التقاليد والمؤسسات التي نتوارثها باعتبارنا أعضاء في مجتمعات معينة، ونعيش في ظروف تاريخية محددة. وبهذا يختلف هابرماس اختلافا صريحا عن النظرة السلبية للتاريخ التي ذهبت إليها مدرسة فرانكفورت في مرحلتها المتأخرة. فنظريته النقدية تحاول أن تفتح نافذة الأمل - مهما يكن هذا الأمل متواضعا - في تحقيق بعض الشروط اللازمة لإقامة حياة اجتماعية على أسس عقلانية. ولعل ماركس - في رأي بومان - قد شارك في هذا الأمل في أحلك أيام نشأة الرأسمالية. وتصبح النظرية النقدية نظرية عملية كلما استطاعت أن تزود المتطلعين للتغير الاجتماعي بنظرات تدلهم على إمكان العثور على حلول للمشاكل التي تواجههم بطريقة عقلانية ومستقلة كلما تهيأت الظروف والشروط التي تسمح بذلك. وقد سبق أن قامت النظرية النقدية دائما بهذه الأدوار المعيارية والتفسيرية والعملية منذ أن حاول ماركس أن يحول الفلسفة إلى أداة للتغير والتحرر.
58
وأخيرا نسأل: ماذا قدم لنا نقد العقل الذي امتد من كانط وهيجل وماركس إلى أصحاب النظرية النقدية لمدرسة فرانكفورت عبر أجيالها المختلفة؟ ماذا قدم لنا بعد أن نزل العقل، أو بمعنى آخر أجبر على النزول عن عرشه المتوج إلى قلب المجتمع والتاريخ؟ وإلام أدى تطور مفهوم العقل منذ الإغريق وعصر التنوير وتطور آلياته ومناهجه المعبرة عنه حتى الآن؟ هل استطاع أن يحقق وضعا وحياة أفضل للإنسان الذي هو هدف التاريخ وغايته؟ وهل أمكنه أن يحرره من القوى التي استعبدته عبر عصور طويلة سواء أكانت قوى طبيعية أو سياسية، ومن الظروف والقيود التي كبلته على مدى تاريخه الطويل؟
لقد رأينا أن العقل تطور إلى لا عقل كما أثبت ذلك أعضاء مدرسة فرانكفورت في نظرياتهم النقدية التي تعد آخر حلقة من حلقات تطور العقل النقدي، وقد بينوا بطرق مختلفة أن العقلانية المعاصرة ربطت بين العقلانية والتكنولوجيا الأداتية، أي عقلانية السيطرة عن طريق التقنية كما ركزوا نقدهم على العقل الأداتي الذي اتخذ العقل أداة منهجية للسيطرة على الطبيعة والتاريخ معا، ومما لا شك فيه أن نقد العقل في مدرسة فرانكفورت يختلف اختلافا أساسيا عن النقد السابق له منذ نقد كانط للعقل، وحتى نيتشه، ومن جاء بعده؛ إذ يتميز بأنه نقد ذو بعد اجتماعي، وأنه يدور في المقام الأول حول نقد نظرية الحقيقة أو الهوية عند هيجل لإقامة بناء نقدي على أساس اجتماعي، فكان لا بد من دحض نظرية الهوية لإظهار واقع البشر كما رأينا عند أدورنو في دعوته إلى «اللاهوية».
অজানা পৃষ্ঠা