হাসাদ ফালসাফি
الحصاد الفلسفي للقرن العشرين : وبحوث فلسفية أخرى
জনগুলি
هكذا «ازداد الاعتراف بعظمة الإنسان، لا بمعنى قدرته على الإحساس بالوعي الذاتي، ولكن بوجه خاص لما عنده من قدرة عقلانية وقدرة على السيطرة على الطبيعة»
14
إلى الحد الذي أفضى إلى تدمير البيئة الطبيعية وخلق مشكلات بيئية ناجمة عن سوء استغلال الإنسان للطبيعة ومواردها. وإذا بالتقنية - التي كانت تهدف في البداية إلى سعادة الإنسان ورفاهيته - تتحول إلى عامل مدمر يهدد حياة الإنسان وبقاءه. وإذا بالتقدم العلمي نفسه يلقي بشكوكه حول طريقة التفكير نفسها، كما أن وجهات النظر العلمية التي كانت تؤكد النزعة المركزية الإنسانية أصبحت هي نفسها موضع شك، كما أصبحت فكرة الغاية النهائية للكون غريبة على العلم الحديث شأنها في هذا شأن الفكرة الأخرى التي تثبت الإنسان في مركز الكون. ومن مفارقات العلم أن تأتي العلوم الحديثة لتحذرنا وتثبت خطأ المركزية الإنسانية التي تزعم أن الإنسان هو الهدف الأول من خلق العالم؛ فعلم الفلك يثبت أن الكون ليس له مركز فيزيقي وليس هناك ما نطلق عليه فوق أو تحت، وإنما هناك كون أشبه بالمسرح العظيم الاتساع في مكان وزمان لا متناهيين تتحرك فيه الكائنات البشرية بشكل غير مدرك بالحس مثل الحشرات والبكتريا على أحسن تقدير.
ويعلمنا علم الأحياء أن الكائنات البشرية من بين الكائنات الحية التي ظهرت على مسرح الكون، ولكن ظهورها كان متأخرا، وربما تكون قد وصلت إلى خشبة المسرح بالمصادفة البحتة، بمعنى أنه ربما لم يكن الإنسان - كما يفهم من بعض العلوم الحديثة - هو الغاية النهائية للطبيعة أو تاج الخليقة كما هو مأثور في التراث الديني وفلسفة العصر الوسيط، ولم تكن هذه الكائنات البشرية أبدا على صورة الله كما تقول المسيحية. ثم يضيف علم الجغرافيا أن القارات التي اعتدنا التفكير فيها على أنها ثابتة وراسخة في مسرح الكون إنما هي متحركة. وفي الآونة الأخيرة يأتي علم الأيكولوجيا ليخبرنا أننا لا نشكل الشمع في أمان كما تفعل الطبيعة ليلبي احتياجاتنا، ومن المرجح ألا نتمكن من ذلك أبدا، بل على العكس من ذلك فإننا دائبون على تحطيم فروع الشجرة التي نجلس عليها، ولن نتوقف عن هذا إلا إذا استجبنا للمبادئ الداخلية التي تحكم الطبيعة بدلا من محاولة تدميرها بأدوات ابتكرناها بأنفسنا. والمفارقة التي قد تبدو كوميدية أو تراجيدية - حسبما تنظر إليها - هي أن العلم الذي طالما بدا لؤلؤة أو جوهرة متألقة في تاج سيد الطبيعة بلا نزاع، قد انقلب إلى فأس يضرب الأرض تحت عرشه ويهدمها.
15
هذه المفارقة العلمية وضعت الإنسان في مأزق، وولدت مشاعر متضادة بين شعوره المتضخم بأهميته الهائلة على مسرح الحياة من ناحية، وضآلته وتفاهته في الكون من ناحية أخرى، كما أحدثت فجوة عميقة بين نزعة إنسانية ركز أصحابها كل جهودهم لجعل الإنسان هو كل شيء بزعم أهمية النوع البشري وتبوئه مركزا أساسيا بين المخلوقات الأرضية، وبين علوم ودراسات حديثة لا ترى الكائنات البشرية سوى دمى مرتعشة أو أسراب نمل أو بكتريا ظهرت صدفة أو اتفاقا على خشبة المسرح الكوني. وربما لن يستطيع الإنسان سد هذه الفجوة في الحالين. إذا أصر من ناحية على أن يكون كل شيء، أو إذا استسلم من ناحية أخرى لنتائج العلوم الحديثة، فأصبح لا شيء. فكيف الخروج من هذا المأزق.
لن يكون الخروج من هذا المأزق إلا إذا تحرر الإنسان من الفكر الذي أفضى به إلى هذا التضاد، وتبنى فكرا جديدا يضع الإنسان في حجمه الصحيح، وينظر إلى الطبيعة بوصفها ذاتا مستقلة، لا مجرد وسيلة لإشباع رغباتنا وتلبية احتياجاتنا. ومعنى هذا أنه لن يكون لنا خلاص من هذا المأزق إلا برؤية راشدة جديدة للعالم، بمعنى آخر هناك حاجة ملحة لإيجاد نموذج معرفي جديد يمكن أن يهتدي بالنموذج المصاحب للثورة العلمية عند توماس كون، الذي يؤكد أن كل ثورة علمية لا بد أن يصاحبها نموذج إرشادي
مغاير للمعرفة العلمية السابقة على هذه الثورة. وعلى الرغم من أن كون قد استخدم مصطلح النموذج الإرشادي بمعان عديدة ومختلفة، إلا أنه أكد على المعنى السوسيولوجي للمصطلح، وهو أنه: «يعبر عن جماع المعتقدات والقيم المتعارف عليها والتقنيات المشتركة بين أعضاء مجتمع بذاته.»
16
مما يتيح للجماعة العلمية الملتزمة بهذه النماذج الإرشادية حل بعض المشكلات التي تواجه المجتمع العلمي. ذلك أنه «عندما تتغير النماذج الإرشادية يتغير معها العالم ذاته ... إن التحولات التي طرأت على النماذج الإرشادية تجعل العلماء بالفعل يرون العالم الخاص بموضوع بحثهم في صورة مغايرة. وطالما أن تعاملهم مع هذا العالم لا يكون إلا من خلال ما يرونه ويفعلونه، فقد تحدونا رغبة في القول بأنه عقب حدوث ثورة علمية يجد العلماء أنفسهم يستجيبون لعالم مغاير.»
অজানা পৃষ্ঠা