فقال النمرود: يحميك الله من العوادي يا أبا كمال، نذهب إليه غدا بعد المغرب إن شاء الله.
وقال كمال في هدوء: أنا لا أخشى أحدا إلا أنور بك.
فقال الدفراوي: أنور، الله يخرب بيته، إنه سيقف لنا كالعقلة في الزور، ووالله لولا عائلته لقتلته من زمن بعيد.
فقال كمال في حزم: اسمع يا نمرود، عليك أن تذهب غدا إلى «الرحايمة» وتعرف إن كان أنور في العزبة أم في مصر.
فقال النمرود: أنا لا أعرف أحدا هناك، فقد حرم عليهم أنور أن يدخنوا الحشيش، فقطع عيشي من هناك، الله يقطع ...
وقال الدفراوي مقاطعا: الشهادة لله، أهل الناحية يحبونه كل الحب.
فقال نور: والشهادة لله أنه رجل يحب، كان إذا أتى إلى المديرية هم من بها جميعا إلى استقباله وتقديم الاحترام له، وأشهد أنه كان يعطي نفحات طيبة. أما لطيف بك فمع أنه كان يعطي نفحات طيبة هو أيضا إلا أنه لا أدري لماذا ...
فقاطعه كمال في حزم: اذهب أنت يا نور، واعرف لنا أين أنور الآن. - حاضر، سأذهب حين تكونون أنتم عند لطيف بك.
وراحت جماعة الخير تدير الحديث بينها، كل همها أن تقطع الوقت حتى يأتي لها المال المنتظر، أو حتى يلوح الصباح، فقد كان لهم مع هذا الصباح شأن إن هو سبق العشرين جنيها المفروضة على الشيخ حسن، وطال الحديث، وتناوب نور والنمرود والدفراوي القيام إلى الزهار في موقفه ليروا إن كان أحد قدم أم لا، وكان الجواب دائما لا.
واقترب الفجر فأذنت الديكة والظلام لا يزال يلف الكون، وجاء الزهاء يائسا، فنظرت الجماعة إلى كمال، وأنعم هو فيهم النظر واحدا بعد الآخر حتى إذا التقت نظرته بمنصور، وقفت عنده جامدة، وفهم منصور تلك النظرة فقام واقفا وخرج دون أن يقول شيئا.
অজানা পৃষ্ঠা