فقال أحمد وقد غمره الفرح: أنت الخير والبركة يا شيخ رضوان وما هذه الهدية؟! الهدية الحقيقية ستراها عندما يتم المطلوب بإذن الله.
فضحك الشيخ رضوان وقال من خلال قهقهته: وما هو المطلوب يا ترى؟
فقال أحمد في صوت أسيف جاد: هل يرضيك يا عم الشيخ رضوان أن تعاشر زوجة زوجها وهي تكرهه أشد الكره؟ وهل يرضيك ويرضي الله أن تعاشر زوجة زوجها وهو لا يقدم لها ما يقوم ببيته؟ وإنما يلقي في يدها بضعة قروش ضئيلة في كل موسم ولا يحضر لها ما يكفيها من الذرة، ويأمرها أن تعمل طول يومها إن لم يكن في جمع القطن فهو يأمرها بأن تخبز للناس خبزهم لقاء بضعة أرغفة، فتظل - وهي الفتاة في ربيع العمر - بين الدور والحقول مشردة، ولو كانت تحب زوجها لهان الخطب، ولكنها تكرهه يا عم الشيخ رضوان ولا تطيق أن تراه ... ارحمها يا عم الشيخ رضوان، ارحمها لله.
فقال الشيخ رضوان: وماذا يمكن أن أفعل يا أحمد؟
فقال الحاج علي: لا حول ولا قوة إلا بالله يا شيخ رضوان، إننا نحن من نفعل، وما فائدة صداقتنا للعمدة إن لم نستطع أن نقوم بمسألة صغيرة مثل هذه؟
فقال الشيخ رضوان: النهاية يا بني، ربنا معنا.
فقال أحمد: أطال الله عمرك يا عم الشيخ رضوان وبارك ...
وقبل أن يتم جملته دخل إلى الدكان الحاج إبراهيم الحسيني، وما إن يرى أحمد حتى تعود إلى وجهه تلك الغمامة التي خرج بها من عند العمدة، ويلقي الحاج إبراهيم تحية ما إن سمعها الثلاثة حتى أدركوا ما بنفس الحاج من ضيق، ولم يسكت الحاج عند ذاك بل هو يقول: ماذا؟ ألم تجدا إلا هذا الولد لتسامراه؟
وقبل أن يجيب أحد سارع أحمد قائلا: ماذا فعلت لك يا عم الحاج إبراهيم؟ إن كان عن الفدان ...
فقاطعه الحاج إبراهيم قائلا: ألم يخبرك صديقاك أنني أقسمت يمين طلاق ألا أشتري هذا الفدان مطلقا؟ - ومع ذلك أنا تحت أمرك، أنا والفدان وكل ما أملك، ولكن لماذا أنت غاضب علي؟ - يا ابني أنا أغضب على كل إنسان لا يراعي الله في أعماله. - وأنا ماذا فعلت لك؟ - فعلت ما فعلت والسلام. - والله يا عم الحاج إبراهيم إنك لو عرفتني على حقيقتي لوجدتني كما تحب؛ فأنا كريم ويدي مفتوحة، وخدام الأصدقاء ولا أبخل مطلقا. - يا بني الكريم كريم على نفسه. - وعلى أصدقائه أيضا يا عم الحاج إبراهيم. - لا يهمني يا بني كرمك أو بخلك.
অজানা পৃষ্ঠা