ولكن لم يجبه أحد، وتواصل البكاء، فهتف: يا حرمة! يا أهل الله!
فلم يسمع إلا البكاء. ساور الشك قلبه فولت البراءة المغسولة بماء الفجر، واتجه نحو الصوت بحذر شديد جاعلا عصاه لصق جنبه. انحنى قليلا فوق الصوت، مد راحته برحمة حتى مس سبابته لفافة. هو ما توقعه القلب. جال بأصابعه في طياتها حتى لامس وجها طريا متشنجا بالبكاء. هتف متأثرا: تدفن القلوب في ظلمة الإثم.
وصاح بغضب: لعنة الله على الظالمين.
وتفكر قليلا ولكنه قرر ألا يهمله ولو فاتته صلاة الفجر في الحسين. النسمة باردة في هذه اللحظة من الصيف، والزواحف شتى، والله يمتحن عبده بما لا يجري له في حسبان. وحمله برفق، ثم عزم على الرجوع إلى مسكنه ليشاور زوجته في الأمر. وترامت إليه أصوات آدميين لعلهم ذاهبون إلى صلاة الفجر، فسعل منبها، فجاءه صوت يقول: سلام الله على المؤمنين!
فأجاب بهدوء: سلام الله عليكم.
وعرف المتكلم صوته فقال: الشيخ عفرة زيدان؟ ماذا أخرك؟ - إني راجع إلى البيت، ولله الأمر من قبل ومن بعد. - سلامتك يا شيخ عفرة!
فقال بعد تردد: عثرت على وليد تحت السور العتيق.
وانداحت همهمة بين الرجال حتى قال أحدهم: اللعنة على الآثمين.
وقال ثان: اذهب به إلى القسم!
وسأله ثالث: ماذا أنت فاعل به؟
অজানা পৃষ্ঠা