304

يد غطت الوجه فأغلقت باب الأبدية. تهدمت الأركان تماما. لسان يلعب له هازئا. ثمة عدو يتحرك وسوف ينازله. لن يتأوه. لم يذرف دمعة واحدة. لم يقل شيئا. تحرك لسانه مرة أخرى مغمغما: كلا!

رأى رأس أمه المهشم. خيال تراءى واختفى قبل أن تطبع صورته في وعيه. رأى الديك وهو يفقأ بمنقاره الوردي عين خصمه. رأى السماء تشتعل بالنيران. رأى بركة الدم الأحمر. ووعده المجهول بإدراك كل شيء إذا كشف الغطاء عن الوجه مرة أخرى. مد يده ولكن يدا أمسكت بيده وصوت قال: وحد الله!

رباه أيوجد معه آخرون؟ أيوجد آخرون في الدنيا؟ من قال إذن إن الدنيا خالية. خالية من الحركة واللون والصوت. خالية من الحقيقة. خالية من الحزن والأسى والندم. إنه في الواقع متحرر. لا حب ولا حزن. ذهب العذاب إلى الأبد. حل السلام، وثمة صداقة متوحشة مطروحة على القوى العاتية. هنيئا لمن يروم أن تكون النجوم خلانه، والسحب أقرانه، والهواء نديمه، والليل رفيقه.

وللمرة الثالثة يغمغم: كلا!

26

تخلى جلال عن العمل لوكيله. وجد الراحة في المشي. يتمشى في الحارة، وفي الحي، بين البوابات والقلاع. يجلس في القهوة وحده يدخن البوري.

وفي الليل وقف قبالة التكية. مرت به الأنغام. باستهانة طرق الباب. لم يتوقع ردا. عرف لم لا يردون. إنهم الموت الخالد الذي يتعالى عن الرد.

تساءل: أليس للجار حق؟

وأنصت للغناء فانساب الصوت في عذوبة:

صبحدم مرغ جمن باكل نوخاسته كفت

অজানা পৃষ্ঠা