186

44

مع الأيام أصبح حلمي عبد الباسط من زبائن الدكان. أكان ذلك ضمن خطته في المراقبة؟ ولكن كفى خداعا للنفس. هذه النظرات الجائعة لا تصدر عن تجسس، وليس في حياتها ما يستحق المراقبة. إنه يحوم حولها بنظرات مشغوفة، وابتسامة متوددة، وارتباك ينم عن نواياه الدفينة. إنها تعرف ذلك بغريزتها ولكنها تتجاهله، وهي تشعر بنفور ولكنها تتجنب الحزم، وقلقها من المستقبل يتزايد يوما بعد يوم.

ومرة قال لها: سامحه الله.

فنظرت إليه مستطلعة رغم أنها عرفت من يقصد فقال: يتركك وحيدة مع ثلاثة أبناء.

فلم تنبس، فقال: وحتى إذا كتبت له النجاة فعليك أن تنتظري ثمانية أعوام.

فقطبت، فقال بيقين: ولن تكتب له النجاة!

فقالت بحزن: الله مع المظلومين!

فقال بإصرار: طيلة حياتي لم أسمع أن قاتلا أفلت حقا من حبل المشنقة!

45

ومرت الأيام ثقيلة متشابهة. أرهقها الجهد المتواصل والضجر، وأرهقها الحرمان من الذي كان يملأ حياتها. ووجدت مشقة في تموين دكانها بالسلع؛ فهبط الدخل رغم أنه ما زال فوق الكفاية. وراحت تحاكم سماحة وتدينه لما نزل بها، وتشتد في محاسبته كلما أثقلها الضجر أو عذبتها الوحدة. وأكثر الوقت ضاع رمانة وقرة ووحيد في الطريق بلا رعاية، حتى قال لها شيخ الزاوية: الأولاد معرضون للشر يا ست محاسن.

অজানা পৃষ্ঠা