الشمس تشرق، الشمس تغرب، النور يسفر، الظلام يخيم، الأناشيد تشدو في جوف الليل. غابت رضوانة في بطن الأرض، غاب إبراهيم في السجن، غاب بكر في المجهول.
لم يرث أحد للقتيلة، فاز إبراهيم بالعطف والتقدير، انطوى خضر على أحزانه لا يشاركه فيها أحد. كثر تداول الحكم عن فساد طبيعة المرأة، الأمثال تضرب على خيانة الإخوة، تردد المواعظ اللعنة النازلة بآل الناجي.
تنكرت لهم الفتونة، رفل في ثوبها الزاهي عتريس حتى انتقل إلى الآخرة، حل محله الفللي أقوى أتباعه، اندرج عاشور وشمس الدين وحتى سليمان ضمن ركب الأساطير.
ها هو كبيرهم خضر سليمان الناجي يتربع فوق كرسيه بمحل الغلال، يثرى يوما بعد يوم، يؤدي الإتاوة للفللي في حينها. مبتور الصلة ببطولة الأبطال.
شيد دارا جديدة، عكف على تربية رضوان وصفية وسماحة، لبث أعزب حتى قارب الأربعين، دفن فتحية زوجة أبيه، شهد موت الشيخ طلبة القاضي إمام الزاوية، وسعيد الفقي شيخ الحارة، وعثمان الدرزي الخمار.
وأخيرا تزوج خضر من ضياء الشوبكشي صغرى أخوات رضوانة، وهي بنت بها من رضوانة مشابه، وفيها جمال أليف، وسرعان ما تبين له طيبتها غير العادية، طيبة النقاء والبساطة التي تقف على حافة السذاجة والبله. لم تلعب في الدار دورا ذا شأن، ولم تنجب أطفالا، وتركت جمالها للفطرة بلا تأنق ولا تزويق. ورضي خضر بحظه ولم يخطر له ببال أن يتزوج من أخرى. ومال إلى الورع والتقوى، وأكثر من السهر في الساحة أمام التكية كما فعل جده عاشور من قبل.
وتزوجت صفية من بكري صاحب وكالة الخشب، وعمل رضوان في محل الغلال وكيلا لعمه في المكان الذي خلا بسجن إبراهيم الشوبكشي. ومن خلال العمل تجلت رزانته وأمانته ومواهبه التجارية، فبشر بمستقبل رائع.
أما سماحة فقد بدا أنه مشكلة.
2
كان سماحة متوسط الطول، فائض الحيوية، قوي العضلات، في وجهه ملامح شعبية من وجه جده سليمان، تنبسط تحت رأس نبيل وبشرة صافية تذكران بأمه رضوانة.
অজানা পৃষ্ঠা