72
يقول: "إن استحلال المعصية صغيرة أو كبيرة كفر، إذا ثبت كونها معصية بدلالة قطعية وكذا الاستهانة بها كفر بأن يعدها هينة سهلة ويرتكبها من غير مبالاة بها ويجريها مجرى المباحات في ارتكابها" (١) . ويقرر الإمام ابن القيم كفر من عزم بقلبه على المداومة وعدم الترك أبدًا على الحقيقة لما سينشأ في قلبه من هذا من أحوال فيقول: ".. واعلم أن الإصرار على المعصية يوجب من خوف القلب من غير الله، ورجائه لغير الله، وحبه لغير الله، وذله لغير الله، وتوكله على غير الله، ما يصير به منغمسًا في بحار الشرك. والحاكم في هذا ما يعلمه الإنسان من نفسه إن كان له عقل، فإن ذل المعصية لا بد أن يقوم بالقلب فيورثه خوفًا من غير الله، وذلك شرك ويورثه محبة لغير الله واستعانة بغيره في الأسباب التي توصله إلى فرضه. فيكون عمله لا بالله ولا لله. وهذا حقيقة الشرك. نعم قد يكون معه توحيد أبي جهل، وعباد الأصنام. وهو توحيد الربوبية وهو الاعتراف بأنه لا خالق إلا الله ولو أنجى هذا التوحيد وحده، لأنجى عباد الأصنام، والشأن في توحيد الألوهية، الذي هو الفارق بين المشركين والموحدين" (٢) . ويقول ابن رجب في دلالة الاستحلال الظاهرة: "قال تعالى (إنما النسئ زيادة في الكفر ...) والمراد أنهم كانوا يقاتلون في الشهر الحرام عامًا فيحلونه بذلك ويمتنعون من القتال فيه عامًا فيحرمونه بذلك.

(١) شرح الفقه الأكبر ص ١٢٦. (٢) مدارج السالكين ابن القيم جـ١ صـ ٣٢٦.

1 / 72