وأهل السُّنَّة والحديث يقولون جميع الأعمال الحسنة واجبها ومستحبها من الإيمان، أي من الإيمان الكامل بالمستحبات، ليست من الإيمان الواجب، فيفرق بين الإيمان الواجب وبين الإيمان الكامل بالمستحبات.
كما يقول الفقهاء: الغسل ينقسم إلى مجزئ وكامل، فالمجزئ ما أتى فيه بالواجبات فقط، والكامل ما أتى فيه بالمستحبات، ولفظ الكمال قد يراد به الكمال الواجب، وقد يراد به الكمال المستحب" (١) .
ويقول الآجري في "الشريعة":
"أما بعد فاعلموا - رحمنا الله وإياكم - أن الله ﷿ بعث نبيه محمدًا ﷺ إلى الناس كافة، ليقروا بتوحيده، فيقولوا "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، فكان من قال هذا موقنًا من قلبه ناطقًا بلسانه أجزأه، ومن مات على هذا فإلى الجنة، فلما آمنوا بذلك، وأخلصوا توحيدهم فرض عليهم الصلاة بمكة، فصدقوا بذلك وآمنوا وصلوا. ثم فرض عليهم الهجرة فهاجروا وفارقوا الأهل والأوطان".
ثم فرض عليهم بالمدينة الصيام فآمنوا وصدقوا وصاموا شهر رمضان.
ثم فرض عليهم الزكاة فآمنوا وصدقوا وأدوا ذلك كما أُمروا.
ثم فرض عليهم الجهاد فجاهدوا البعيد والقريب، وصبروا وصدقوا.
ثم فرض عليهم الحج فحجوا وآمنوا به.
فلما آمنوا بهذه الفرائض عملوا بها تصديقًا بقلوبهم وقولًا بألسنتهم وعملًا بجوارحهم. قال الله ﷿: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا) (٢) .
_________
(١) الإيمان لابن تيمية ص ١٦٨.
(٢) الشريعة للآجرى ص١٠١.
1 / 26