140

وقد قدمنا الرد عليهم من المعقول أن الله منزه عن صفات النقص، وأي نقص أكبر من أن يكون فاعلا لكل فاحشة ومنكر ومعروف وخير وشر، ولو صح ذلك لكان جائرا ظالما عابثا؛ لأنه إذا كان يجبر العباد على أفعالهم كانوا مطيعين له كلهم، وإذا أجبر العبد على الكفر ثم أدخله النار كان جائرا ظالما، وإذا نهى العبد عن فعل شيء وجبره على فعله لكان عابثا -تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. وكذلك إذا أمره بالإيمان، وسلبه الاستطاعة عليه يكون أيضا ظالما عابثا -تعالى الله عما يقول المشبهون.

ونرد عليهم من المسموع: أما احتجاجهم بقول الله تعالى: {الله خالق كل شيء} فهو خاص فيما خلق الله دون ما فعل العباد. كما قال تعالى في بلقيس: {وأوتيت من كل شيء }[النمل:23]، المراد به خاص فيما يصلح لها، ويكون لمثلها في عصرها؛ لأنها لم تؤت ذكرا ولا لحية، وقال الله تعالى: {وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان}[النحل:112]، المراد به من كثير من المواضع، وليس من جميع الأماكن حتى لا يبقى مكان لا يأتيها رزقها منه، فسقط تعلقهم بهذا.

পৃষ্ঠা ১৯৯