হ্যানিন ইলা খারাফা
الحنين إلى الخرافة: فصول في العلم الزائف
জনগুলি
إهداء
مقدمة في العلم الزائف
1 - الحنين إلى الخرافة
2 - باري ل. بيريشتاين:1 الفرق بين العلم والعلم الزائف2
3 - توماس جيلوفيتش:1 كيف نكشف الدجل؟
4 - أنتوني براتكانيس:1 كيف تبيع علما زائفا؟2
5 - روري كوكر:1 التمييز بين العلم والعلم الزائف
6 - سكوت ليلينفلد:1 وصايا ليلينفلد العشر
7 - جون كاستي:1 معايير التمييز بين العلم الحقيقي والزائف
8 - إمري لاكاتوش:1 العلم والعلم الزائف2
অজানা পৃষ্ঠা
9 - من أوهام العقل: الباريدوليا1
10 - مغالطة التصديق الشخصي1
11 - نسبية الذاكرة!
12 - مشكلة التمييز بين العلم والعلم الزائف
13 - في العلم والخرافة
إهداء
مقدمة في العلم الزائف
1 - الحنين إلى الخرافة
2 - باري ل. بيريشتاين:1 الفرق بين العلم والعلم الزائف2
3 - توماس جيلوفيتش:1 كيف نكشف الدجل؟
অজানা পৃষ্ঠা
4 - أنتوني براتكانيس:1 كيف تبيع علما زائفا؟2
5 - روري كوكر:1 التمييز بين العلم والعلم الزائف
6 - سكوت ليلينفلد:1 وصايا ليلينفلد العشر
7 - جون كاستي:1 معايير التمييز بين العلم الحقيقي والزائف
8 - إمري لاكاتوش:1 العلم والعلم الزائف2
9 - من أوهام العقل: الباريدوليا1
10 - مغالطة التصديق الشخصي1
11 - نسبية الذاكرة!
12 - مشكلة التمييز بين العلم والعلم الزائف
13 - في العلم والخرافة
অজানা পৃষ্ঠা
الحنين إلى الخرافة
الحنين إلى الخرافة
فصول في العلم الزائف
تأليف
عادل مصطفى
إهداء
إلى الأخ الكريم اللواء د. هاني مصطفى خضر، نابغة جراحة الأنف والأذن والحنجرة.
أهديت إليه في السابق كتاب «المغالطات المنطقية»، وها أنا ذا أعود وأهدي توءم الكتاب إلى توءم النفس.
ع. م.
مقدمة في العلم الزائف
অজানা পৃষ্ঠা
تجارتان لا تعرفان البوار؛ تجارة الخبز، وتجارة الوهم.
ع. م. (1) دلائل ومخايل
في القلب من العلم يقبع توتر جوهري بين موقفين متناقضين في الظاهر؛ انفتاح على الأفكار الجديدة مهما تكن غريبة أو مضادة للحدس، وأقسى تمحيص ارتيابي لجميع الأفكار، قديمها وجديدها. هذا هو السبيل إلى غربلة الحقائق العميقة من الهراء العميق. إن اجتماع التفكير الإبداعي والتفكير الارتيابي في آن معا هو ما يحفظ العلم في مضماره.
كارل ساجان: عالم تسكنه الشياطين
ليست هناك معايير حاسمة تجزم بأننا بإزاء علم زائف، غير أن هناك أمارات عامة تهيب بنا أن ننتبه ونرتاب، ليس بين هذه الأمارات ما هو «ضروري» ولا ما هو «كاف» للحكم بزيف الممارسة، غير أن اجتماع عدد وافر منها قد يدنو بنا إلى مشارف اليقين، وكأنه ضرب من «تحول الكم إلى كيف».
يسرف العلم الزائف في استخدام الفرضيات الاحتيالية،
1
والفرضية الاحتيالية أشبه برقعة مفصلة على مقاس الثغرة، الغرض منها حماية الدعوى من الدحض. ثمة فرضيات احتيالية أدت إلى كشوف علمية حقيقية: عامل
Rh
في الدم كان فرضية احتيالية، ووجود كوكب نبتون كان فرضية احتيالية،
অজানা পৃষ্ঠা
2
غير أن الفرضية الاحتيالية في العلم الحقيقي هي ذاتها قابلة للاختبار، أما في العلم الزائف فالأغلب أن تكون تمحكا صرفا ولجاجة مجانية لا سبيل إلى اختبارها ولا غرض منها إلا التملص والتخلص، والتحصن من التكذيب والتشفع للخطأ.
ليس من دأب العلم الزائف أن يعترف بخطئه ولا أن يصحح نفسه، بينما العالم الحق ميال بطبعه إلى تكذيب فرضيته. إن كلفة التصويب الذاتي باهظة ثقيلة، ولكن العالم الحقيقي على استعداد دائما لدفعها عن طيب خاطر؛ ذلك أن من الصعب على النفس أن تلقي في اليم بما أنفقت فيه جهدا ومالا، واستثمرت فيه أملا وضيعت عمرا، يقال لهذه الظاهرة النفسية «أثر الكلفة الغاطسة».
3
إن واجبنا في مجال العلم أن نبجل الزميل الذي يعترف بخطئه ويقلع عن باطله، لا أن ندينه ونعاقبه ونسلقه بألسنة حداد. واجبنا أن ندخر الشجب والإدانة لأولئك الذين يصرون على الخطأ ويستميتون في تبريره.
يتهرب العلماء الزائفون من النشر في المجلات العلمية المحكمة، ومن «مراجعة النظراء»؛
4
بزعم أن المجتمع العلمي ومحرري المجلات متحيزون ضدهم ولن يقبلوا إسهاماتهم، ومن دأب العلماء الزائفين أن يطلبوا من منتقديهم أن يبرهنوا على خطأ نظريتهم، بدلا من أن يبرهنوا هم على صوابها (نقل عبء البرهان).
5
يركز العلم الزائف على الأمثلة المؤيدة ويضرب صفحا عن الأمثلة المضادة، بينما العالم الحق ينتحي بغريزته نحو الأمثلة المفندة، وينحني للخلف (على حد تعبير ريتشارد فيمان) عسى أن يبرهن على أنه مخطئ. إنه يأخذ مسافة من عمله، ومن عزته بأي شيء عدا الحقيقة. يتضمن ذلك أن عليه أن يصمم تجارب صارمة تختبر فرضيته اختبار النار، وتثبت كذبها إن أمكن.
অজানা পৃষ্ঠা
يقدم العلماء الزائفون أطروحات مقطوعة الصلة بكل المعارف القائمة، ويزعمون دائما أن أعمالهم قائمة على نماذج إرشادية جديدة تماما؛ وهم من ثم يطلقون مزاعم يقتضينا قبولها الإطاحة بكل ما نعلمه عن العالم، ويدعون أنها اختراقات أو «تحولات في النموذج».
6
إن تحولات النموذج لتحدث في تاريخ العلم، ولكن على فترة وندرة، وتتطلب دليلا قويا وتجارب فاصلة جيدة التصميم قابلة للتكرار، عملا بالقاعدة القائلة بأن «الدعاوى الهائلة يلزمها دليل هائل».
7
يستند العلماء الزائفون في إثبات فرضياتهم إلى «النوادر الفردية وشهادات الآحاد»،
8
وهي أشياء لا تصلح بذاتها كدليل، وإن كانت ملهمة أحيانا في سياق الكشف،
9
وذات فائدة أحيانا في توضيح ما قد ثبت بالدليل؛ ذلك أننا لا تصلنا في العادة إلا الشهادات الإيجابية، أما الشهادات السلبية فسوف تحتجب تلقائيا. هب أن ألف شخص تناولوا علاجا مزعوما، وأن عشرة منهم فقط اعتقدوا أنهم آنسوا فائدة منه فقدموا لنا عشر شهادات فردية مؤيدة لفاعلية العلاج، إن التسعمائة والتسعين الذين لم يشفوا - وهم الأغلبية العظمى - لن تراهم من بعد ولن تسمع لهم ركزا (بيانات محجوبة).
10
অজানা পৃষ্ঠা
من ذلك تتجلى لنا أهمية «المجموعات الضابطة»
11
في التقييم الصحيح لأي دعوى تتعلق بفاعلية علاج جديد.
أما النوادر الفردية - الصارخة البراقة - فينبغي ألا تفتننا في عملنا العلمي؛ فالنصوع المضلل
12
للنادرة يعمق انطباعها ويرسخ ذكراها ويضخم تأثيرها النفسي تضخيما زائفا، ويغري المخيلة بأن تلج في الوهم، ويجعل للنادرة الواحدة فاعلية ألف مثال عادي. هذا ما يجعل العلماء الزائفين يلجئون إلى النوادر ويستدلون بحكايا فردية أشبه بحكايا العجائز. من أمارات العلم الزائف أنه يتحدث إليك بالقصص والروايات، لا لكي يؤنس ويوضح بل لكي يستدل ويبرهن (التفسير بالسيناريو). وما هكذا تورد الإبل في العمل العلمي الذي يرتكز على العينات العشوائية الممثلة والتجارب المنضبطة والدلالة الإحصائية وميكنة تسجيل البيانات.
يولع العلماء الزائفون باستخدام رطانات مبهمة، ويخترعون معجمهم اختراعا على حد تعبير روري كوكر (الطاقة الكونية الحيوية، الطاقة، مستويات، تعاطفات، منظومة خط الزوال، التكبير السيكوتروني ...) لكي يتشبهوا بالعلماء الحقيقيين ويوهموا الناس بأنهم منهم، ويميلون إلى المزاعم العريضة و«نظريات كل شيء»، والادعاء بأن إجراء هزيلا معينا يحل شتى المشكلات، وبأن عقارا لا أصل له يشفي جميع الأدواء، بينما يتسم العلم الأصيل بالتواضع والأناة والاقتصاد في الزعم، ويتوفر في الأغلب على مشكلة واحدة في الوقت الواحد.
وللعلماء الزائفين تعويذة أثيرة هي لفظة «كلي» و«كلية»،
13
ويكثرون من ترديدها كرطانة موهمة من جهة، وتهرب من التفنيد من جهة أخرى، ورغم أن «الكلية» قد تكون قولة حق في بعض السياقات؛ فهي في سياقات العلم الزائف قولة باطل تعمل على «طمس جميع التمييزات المفيدة التي جهد الفكر الإنساني في وضعها طيلة ألفي عام» على حد تعبير روجر لمبرت. (2) المقام في الفجوات
অজানা পৃষ্ঠা
للخرافة غريزة حشرية تنتحي إلى الشقوق وتعشق الثغرات وتقيم في الفجوات. يسود الدجل ويركز لواءه في المناطق التي ما زال العلم فيها مبلسا محيرا لا يملك جوابا حاسما:
في المجال العلاجي يرتع الدجل وتعلو نبرته في نطاق الأمراض المستعصية الغامضة التي لا يزال البحث الطبي يقاربها بأناة وحذر: السرطان، الشقيقة، التهاب المفاصل، الإيدز ... إلخ. يريد الدجل أن يتلقف أناسا مذهولين بالمرض متخبطين في اليأس متنازلين عن المنطق.
وفي صدد نظرية التطور يحلو للفكر الخرافي الإشارة إلى الفجوات غير المفسرة في سجل الحفريات، ويتمنى من أعماق قلبه أن تبقى إلى الأبد غير مفسرة. (3) الحس المشترك
يظن عامة الناس أن الحس المشترك مرشد وثيق لفهم الظواهر وتقييم العالم الطبيعي، ونحن نسلم بوجاهة المخزون البشري من الحكمة الشاملة لجميع الناس والمورثة عبر الأجيال، والتي أعانت الكائنات البشرية على البقاء وعلى الإبحار في عالم معقد.
نحن نسلم بحكمة الحس المشترك وقيمته في نطاق الحياة اليومية، ولكن حين يكون المقام مقام علم دقيق يسعى إلى فهم تشغيلات العالم الخارجي وتشغيلات الدماغ البشري يكون الحس المشترك محكا غير مأمون. لقد تطور الدماغ البشري لكي يمكن صاحبه من البقاء ويضمن لجيناته أن تمر إلى الأجيال التالية، ولم يتطور من أجل أن يفهم عمليات العالم الطبيعي، سواء على المستويات الفلكية أو تحت الذرية أو النيوروبيولوجية، والعلم لا يأتي إلينا طوعا؛ لأنه كثيرا ما يقتضينا المسير ضد الحس المشترك،
14
يقتضينا أن نمحو الكثير مما تعلمناه من قبل أو اكتسبناه فيما سبق.
إن الأرض لتبدو مسطحة للحس المشترك، والشمس تدور حول الأرض فيما يظهر للحس المشترك، والأشياء المتحركة تتباطأ تلقائيا في مرأى الحس المشترك إلى أن تتوقف (بينما هي في الحقيقة تتحرك إلى ما لا نهاية ما لم يحل دون ذلك حائل)، والذاكرة تبدو كشريط تسجيل للحس المشترك، والأضداد تتجاذب فيما يظن الحس المشترك، والعين الرجراجة دليل الكذب لدى الحس المشترك ... إلخ.
تلفتنا الخدع البصرية العديدة إلى أن الإدراك البشري ليس بالدقة التي نظنها، وتنبئنا دراسات الذاكرة وأخطاء تقارير شهود العيان بأن الذاكرة البشرية خادعة مرجفة ولا يعول عليها، وتجبهنا ظاهرة «الباريدوليا» بأن العقل البشري مرتهن للأنماط المخزونة فيه على نحو لا فكاك منه. إن الذهن البشري معطوب بطبيعته، وليست إجراءات البحث العلمي سوى تدابير تعويضية لتدارك هذا العطب الصميم. إنما نشأت الطرائق العلمية لكي تتلافى هذه العيوب وتعوض هذا القصور:
عشوائية العينة.
অজানা পৃষ্ঠা
إجراءات أخذ العينة الممثلة، كما وكيفا وبعد انقضاء زمن.
ميكنة تسجيل البيانات (لتجنب ميل البشر لرؤية ما هم مهيئون لرؤيته).
المجموعة الضابطة ذات العمى المزدوج.
15
الدلالة الإحصائية.
التحديد المسبق لما عساه أن يؤيد الفرضية وما عساه أن يفندها.
مراجعة النظراء.
تكرار التجربة.
والضمانة الكبرى بعد للأداء العلمي القويم هي الصفة المؤسسية للعلم؛ فالعبرة إنما هي بعلمية المؤسسة الكلية لا العالم الفرد، بالعقلانية والموقف النقدي المبيت في المؤسسة ككل؛ ذلك أن العلماء بشر، وعرضة من ثم للتقصير في اتباع الطريقة العلمية، شأنهم شأن المهنيين من كل صنف. ثمة صمامات أمان في قلب المنظومة تتمثل في السياسات الرقابية للوكالات العلمية المانحة ومؤسسات البحث والدوريات تكشف صراع المصالح لدى الباحثين. إن الحاضنة العقلانية هي الكفيلة برد كل انحراف إلى الجادة، ورد كل ميل إلى القصد وكل زيغ إلى سواء الصراط، وهي الكفيلة بمنع ما هيئت له عقولنا من مزالق، وهي الكفيلة بالحفاظ على صفة «التصحيح الذاتي» وضمان الصفة الديمقراطية للعلم. (4) وعثاء التطور
ولقد بقيت به لأنه بقي بها. ***
অজানা পৃষ্ঠা
تبنى الإنسان عبر رحلة التطور استراتيجيات معينة من الاقتصاد الذهني أعانته على التكيف والبقاء في بيئة محفوفة بالمخاطر من كل صنف. تطورت هذه الاستراتيجيات تحت وطأة ظروف قديمة كانت تلح على سرعة اتخاذ القرار حتى لو جاء ذلك على حساب صوابه الاستدلالي ودقته المنطقية. كان القرار «الملوث» السريع أجدى من القرار الحصيف حين يكون قاتل البطء موبق التدقيق. لقد كان الرهان الإدراكي والتفسيري باهظا، وكانت «السلامة» هي القيمة الأولى والملحة في كل تفكير وفي كل تفسير: الأنثروبومورفيزم، النزعة الإحيائية،
16
التعميم المتسرع، البروكروستية، مغالطة المنشأ، نزعة الماهية، الباريدوليا، المختصرات الذهنية ... إلخ، تلك استراتيجيات إدراكية مبيتة في غور دماغنا البشري وفي صميم معمارنا المعرفي، ومن شأنها أن تعين الإنسان على اتخاذ القرار السريع المسعف وإن كان مشوبا غير دقيق وغير محكم.
يبدو - إذن - أن الخرافة هي الأصل! وأن من طبيعة عمل العلم أن يسبح ضد هذا التيار الجبلي ويجتاز هذه العوائق الطبيعية؛ فيصطنع من الإجراءات الاحترازية والضوابط الاحتياطية ما يعوض به أوجه النقص في الإدراك والاستدلال البشريين. إنما العقل أسير للمخططات والأنماط المبيتة فيه، والتي انطبعت فيه بفعل خبرات سابقة لم يكن له يد فيها، واتخذت ما اتخذت من أشكال كنتيجة لعدد كبير من «العوارض»
17
المحضة.
ثم إن هذه «الأنماط» أو «المخططات» أو «النماذج» - أو ما شئت - تجد طريقها إلى اللغة البشرية، حيث تعمر طويلا بعد أن تكون أسبابها الموضوعية قد تبدلت أو زالت، فاللغة ليست مخزونا مباشرا لما هو موجود، بل هي بالأحرى مخزون أثري وتاريخي جزئيا لما تراءى للبشر يوما أنه جدير بالحديث عنه والقول فيه. هذا الطابع التاريخي التذكاري التراكمي للغة هو ما يجعل تنقيتها من التعبيرات المتنافرة مع قناعاتنا الحالية أمرا بالغ الصعوبة.
تنطوي اللغة في ذاتها على «رؤية للعالم»
18
وتصنيف للأشياء، أي على وجهة نظر عامة إلى الأشياء وتصور إجمالي لما يكونه العالم. إن للغة المحكية منطويات تاريخية حفرية تنقلب عبئا ضارا عندما تتغلغل دون وعي منا في صميم إدراكنا الراهن للأشياء، وتفرض قوالبها ونماذجها على رؤيتنا الحالية للعالم، لكأن الخرافة تقيم في عقر اللغة المحكية، وفي كهولة الألفاظ الدارجة، إرثا من الماضي البعيد يقيم في الحاضر ويحكمه، وهو بمأمن من الرقابة وحصانة من الافتضاح. (5) ضرورة دراسة العلم الزائف
অজানা পৃষ্ঠা
لا نعدم بين العلماء وفلاسفة العلم من يرى أن دراسة أمارات العلم الزائف هي تزيد لا داعي له، وترف نظري لا ضرورة فيه، فضلا عن استحالته لعدم وجود معيار ضروري ولا كاف يفصل بين العلم واللاعلم، وقد ذكرنا من هؤلاء، على سبيل المثال لا الحصر: ماكنالي وفيربند وإليزابيث سبري، غير أننا نرى - آخذين بالاعتبار وجاهة كل ما يقولون - أن هذا الاتجاه هو الترف بعينه: إن المجتمعات لتتردى في هاوية التخلف، والناس تموت موتا حقيقيا، من جراء الافتتان بالعلوم الزائفة واتباع أباطيلها. يقول إمري لاكاتوش في حديثه «العلم والعلم الزائف»: «إن حق الحزب الشيوعي في تقرير ما هو علم وينشر وما هو علم زائف ويعاقب ظل حقا قائما، كما أن المؤسسة الليبرالية الجديدة في الغرب لها الحق أيضا في أن ترفض منح حرية الحديث لما تعتبره علما زائفا (مثلما رأينا في حالة الجدل المتعلق بالذكاء والعنصر)، من أجل ذلك فإن مشكلة التمييز بين العلم والعلم الزائف ليست مشكلة زائفة تليق بالفلاسفة النظريين في مقاعدهم الوثيرة، إن لها منطويات أخلاقية وسياسية هي من الخطورة بمكان.»
أما البروفيسور سكوت ليلينفلد فيذهب إلى ضرورة تدريس خصائص العلم الزائف من أجل الفهم القويم للعلم، الذي لن يبلغ تمامه إلا بفهم نقيضه: العلم الزائف (وبضدها تتميز الأشياء)، ومن أجل غرس الفكر النقدي في عقول الطلاب الذين يلتحقون بالجامعة وأذهانهم متخمة بالخرافات والأساطير الحديثة.
وقد أشرنا في هذا الصدد إلى دراسات إمبيريقية حديثة تثبت أن دراسة التمييز بين العلم والعلم الزائف تفضي إلى صرف الناس عن تبني الاعتقادات الخرافية، وإلى تحسن القدرة على تقييم أخطاء الاستدلال في المقالات العلمية، والتعرف على الأخطاء المنطقية فيها، وتقديم تفسيرات بديلة لنتائج البحث.
وفي عالمنا الجديد الذي تمطرنا فيه الوسائط الإعلامية بوابل من الخرافات الجديدة، وسيول من الغثاء المنفلت والنظريات الزائفة والدجل الوقاح، لم تعد مشكلة التمييز بين العلم واللاعلم ترفا بل قضية ملحة، وضرورة تعلو على كل ضرورة.
إن من حق الناس أن تتلقى المعلومات الصحيحة، وأن تؤسس قراراتها واعتقاداتها على بيانات صادقة لا زيف فيها ولا خداع. من حق المرضى أن يتلقوا العلاج الحقيقي، ومن حق المصوتين أن يدلوا بأصواتهم بناء على حقائق. إن الأمية العلمية تقتل الفكر النقدي وتخلف أجيالا تدمن الوهم وتراهن على الباطل وتختار لأمتها المسار المهلك. الاقتراع العام في مثل هذه الأجيال إن هو إلا استقواء بالجهل وتجيير للأمية وتدوير لعوادم الانحطاط. (6) جاذبية الخرافة
للخرافة جاذبية هائلة، ومهما تقدم العلم فسوف تظل الخرافة تحتل أعز الأمكنة من قلوب البشر وأعمق الأغوار من أنفسهم؛ ذلك أنها هي الأصل وهي العلم الأقدم، وهي التي قدمت للإنسان الوعد والسلوى يوم كان ملقى هملا في عالم موحش ملغز خطر. والوعد - حتى لو كان كاذبا - ليس بالشيء الهين، فهو للنفوس المغلوبة على أمرها أنيس الأيام وسمير الليالي.
منى إن تكن حقا تكن أحسن المنى
وإلا فقد عشنا بها زمنا رغدا
غير أن هذا المنطق إن جاز أن يفعل في أزمنة الضعف والعجز فإنه لا يجوز للإنسان اليوم بعد أن فك طلاسم الطبيعة وأمسك بقرون الظواهر، لم يعد الإنسان في عصر العلم يقنع بهلوسة ساكني اللابرنت
19
অজানা পৃষ্ঠা
أو بخدر آكلي اللوتس،
20
تلك معيشة سلبية كئيبة تقتات بالوهم عوض أن تغير الواقع، وتزين الشوك عوض أن تقتلعه.
يفتتن بعض الناس بالخرافة؛ لأنها مثيرة للدهشة زاخرة بالغرابة، ولهؤلاء نقول: إن العلم يفوقها في هذا المضمار فتنة وإدهاشا ويزيد عليها بأن غرابات العلم حق. إن نظرة في تلسكوب أو مجهر لتلقي بالمرء في عوالم فاتنة بديعة ملونة أنعم من أهداب الحلم وأغرب من نسج الخيال، غير أنها حق: أطراف الكون القصية، تشكيلات الأنجم والمجرات، تلافيف الدماغ ومسالكه ودروبه، العالم تحت الذري، العالم الجيني، قصة التطور تقرؤها منقوشة في أحافير الصخور وأنوية الخلايا، أعاجيب لم يجد بمثلها خاطر ولم تتفتق بمثلها قريحة .
ويفتتن البعض بالخرافة؛ لأنها تدغدغ عواطف وتبعث نشوات ، ولهؤلاء نقول: إن للعلم مقاماته وأحواله وطربه ومواجده. «الطريقة العلمية» ملة حياتية لها أخلاقياتها بل روحانياتها: التطهر بالاختبار، الاعتراف بالخطأ، التبتل للحقيقة، الولاء الخالص ل «الدليل»
evidence ، التنزه عن الغرض، إرجاء الحكم، الانفتاح على الأفكار، الانتشاء بالكشف، الابتهاج بالزمالة. (7) طرائف تاريخية
21 (7-1) مرهم السلاح
22
من العلاجات التي راجت في القرن السابع عشر مرهم خاص معد من تركيبة مسجلة معقدة، من عناصر يصعب الحصول عليها، زعموا أنها لا تؤتي مفعولها إلا إذا اتبعت وصفتها بدقة، وعجيب أمر هذا المرهم أنه لا يدهن به الجرح بل السلاح الذي أحدث الجرح! وقد صدق عليه فرنسيس بيكون نفسه، أبو التجريب العلمي الحديث ومؤسس الفلسفة الاستقرائية! الذي كان متشككا في البداية ولكنه اقتنع بنفس الطريقة التي يقتنع بها كثير من علية المتعلمين في زمننا الحديث بممارسات تبدو مزرية: لقد شاهد النتائج مباشرة، شاهدها بأم عينه، وآمن من ثم بأنها صادقة بالضرورة.
كيف يمكن لشخص في طبقة بيكون التعليمية أن يسقط في مثل هذه الممارسة السخيفة؟! الحق أن مرهم السلاح أقنع المتشككين إذ شاهدوا بأعينهم نتائجه المذهلة، لقد كان علاجا ناجعا حتى إذا كان الشخص الجريح لا يدري أنه يعالج، بل قيل: إنه كان ناجع التأثير حتى على الحيوانات (وهي نقطة وجدها بيكون دامغة إذ بدا أنها تستبعد عامل الإيحاء)، أما حالات الفشل فكانت تفسر - استبعاديا - بوجود خطأ في إعداد التركيبة المعقدة للمرهم.
অজানা পৃষ্ঠা
أما الشيء الذي فات الجميع - ولهم كل العذر في ذلك - فهو الخطوة المبدئية في البروتوكول: أن ينظف الجرح بعناية ويضمد، فقد كان مرهم السلاح سابقا تاريخيا على نظرية الجراثيم، ولم يكن هذا الإجراء متبعا في تلك الأيام، هذا هو التفسير الأرجح للنجاح الباهر للعلاج: غيار الجرح لا دهن السلاح.
23 (7-2) جرارات بيركينز
24
انتشرت في القرن الثامن عشر أدوات تسمى «جرارات بيركينز» وراجت رواجا عظيما، وقد ابتكرها دكتور إليشا بيركينز (1741-1799م)، خريج جامعة ييل، وهو رجل مشهود له بالإخلاص والصدق والإيثار والإحسان، والأداة عبارة عن قضيبين معدنيين قصيرين مصنوعين من عدد من المعادن المختلفة، وكان يعتقد أن لها خواص علاجية معينة، اجترح بيركينز في أداته امتدادا استقرائيا
25
غير مشروع من العلم المشروع في زمنه، والمتعلق بالكشوف الاختراقية العلمية الأصيلة عن الكهربية، مثال ذلك: أن البطاريات البدائية كانت تصنع من طبقات متبادلة من أقراص معدنية متباينة (مثل النحاس والزنك)، وهذا مما أضفى على جراراته المظهر السطحي بأنها قائمة على «العلم»، وكان من شروط الاستخدام السليم لها أن تجر على جسم المريض إلى أسفل حتى تؤتي أثرها، أما الجر إلى أعلى فكان يعتقد أنه يفاقم المرض!
ذاع صيت جرارات بيركينز وانتشرت في أوروبا ونالت شهادات آحاد إيجابية عديدة وسجلت مبيعات هائلة، ولكي يدحض أنصار الجرارات اعتراض الشكاك بأن الشفاء يحدث بسبب الإيحاء الإيجابي فقد زعموا أن حيوانات - كالخيول - قد تم علاجها بنجاح بواسطة تلك الجرارات.
أما الذي قضى على هذه التقليعة في النهاية وأبطل أسطورتها فهو أن عددا من الأطباء المتشككين صنعوا زوجين من الجرارات من الخشب وأسبغوا عليها بالطلاء مظهر المعدن، فإذا بالجرارات المزيفة تؤتي نفس الأثر الشفائي العجيب، ولما كان الأثر العلاجي يعزى إلى المعدن فقد تم بذلك تكذيب الدعاوي العلاجية، وبحلول عام 1810م كانت جرارات بيركينز قد أسدل عليها الستار. (7-3) المزمرية وتدويراتها
في أواخر القرن الثامن عشر راجت «المزمرية»
26 (نسبة إلى فرانز مزمر) رواجا كبيرا، وهي ممارسة تقوم على الاعتقاد بوجود «قوة حيوية» و«سائل كوني» متعلقين ربما بالمغناطيسية، التي إن أعيقت يمكن أن تسبب عددا من شتى العلل، بما فيها مشكلات الصحة النفسية. كان المرضى يجلسون في ماء ممغنط أو يشدون إلى أقطاب ممغنطة بينما يهز المعالج عصا ممغنطة فوق المريض. كان ذلك يجري على مرأى من جموع المشاهدين، وكان مزمر يتغمد المرضى الفقراء أيضا بإحسانه فيربطهم إلى جذوع شجر يعتقد أنه ممغنط.
অজানা পৃষ্ঠা
وكانت النهاية عندما كلف الملك لويس السادس عشر كلا من بنيامين فرنكلين وأنطوان لافوازييه بإجراء استقصاء أكثر منهجية لهذا الأمر، فقام هذان العالمان باستخدام علاجات تبدو في الظاهر مزمرية، غير أنها في الحقيقة لا تشتمل على أي شكل من المغنطة، وذلك كإجراء وهمي ضابط ، وعندما أدت العلاجات الوهمية إلى نفس النتائج تم دحض المزمرية إلى حد كبير، وانتهت خرافة المزمرية بفضل هذا الاستخدام المبكر للتجربة «ذات العمى المزدوج».
27
ذهبت المزمرية وبقيت تناسخاتها، سلالاتها، تدويراتها، تبتكر الواحدة تلو الأخرى إلى يومنا هذا: فض حساسية وإعادة معالجة حركة العين
EMDR - على سبيل المثال - هي سلالة مزمرية جديدة في رأي بروفيسور ريتشارد ماكنالي، أستاذ علم النفس بهارفارد، فكلتاهما تزعم شفاء طيف عريض من الحالات، وكلتاهما ابتكرها وناصرها أشخاص كارزميون، وكلتاهما أسست فصولا تدريبية دراسية مسجلة وكونت رابطات لدعم العلاجات الجديدة. وإذا كانت الدجليات القديمة تقضي نحبها على يد التجريب العلمي، فإن السلالات الراهنة للدجل تلجأ إلى التفسيرات الاستبعادية التي تفصل بعد الواقعة
28
للتملص من الدحض.
من تدويرات المزمرية ما يسمى «الأساور الصحية»،
29
فهي أيضا تدعي الأساس العلمي: مغناطيسية، أيونات، موجات راديو ... إلخ، يدعي أنصار الأساور الصحية أنها تتلقى كهرباء شبيهة بموجة الراديو طوافة في الجو، وهي من أجل ذلك تطلى بالذهب أو الفضة لكي تكون جيدة التوصيل، وهي تحول الموجة الملتقطة من الهواء إلى كهرباء يسري تيارها في الجسم ويؤدي إلى إنعاش الجهاز العصبي!
لماذا يقع الأذكياء في «المزمريات»؟
অজানা পৃষ্ঠা
ينبغي أن نعترف في البداية أن النظر المؤخر
30 (بأثر رجعي) حاد دائما، وأن «الحكمة» تصل دائما «بعد الحفل»،
31
وبومة منرفا لا تحلق إلا ليلا: نحن نضحك من الممارسات الزائفة التي خدعت الأجيال الماضية ونراها مهازل مضحكة، بعد أن أنبئنا بتأويلها وكشف لنا باطلها، في حين نقع نحن في سلالاتها المعدلة ونتبنى صيغنا الخاصة من المزمرية الجديدة:
فض حساسية وإعادة معالجة حركة العين
EMDR .
البرمجة العصبية اللغوية
NLP .
علاج حقل الفكر
thought field therapy .
অজানা পৃষ্ঠা
موالفة الدماغ
brain tuning .
إلخ إلخ. (8) سحر النوادر الفردية وشهادات الآحاد
تسحرنا الأمثلة الشائقة وبخاصة حين تأتي «من المنبع»
32
وتتخذ شكل «سيناريو»، مثلما كانت تسحرنا في الصغر حكايا الجدات، وللشهادة الشخصية المباشرة قوة جذب عاتية يصعب الانفلات منها، بما للسرد الحي من نبض وبما للحضور الشخصي من سطوة، وبوسع واقعة زاهية واحدة أن تستحوذ على الانتباه وترسخ في الذاكرة وتستعصي على النسيان، وتقوم في الذهن مقام ألف مثال. (9) سطوة الواقعية الساذجة
تفيد «الواقعية الساذجة»
33
أننا نجني المعرفة من الملاحظة المباشرة، مما نراه رأي العين، وأن ما نراه بأعيننا «واضح بذاته»،
34
অজানা পৃষ্ঠা
ولنا أن نستمد منه نتائج دون حاجة إلى مزيد من إعمال الفكر أو من التأمل النقدي في تفسيرات بديلة.
ونحن نسلم بأن الملاحظة المباشرة هي نقطة بداية ممتازة، على أن نتفطن إلى أن الملاحظة التي لا يعقبها اختبار صارم ونظر نقدي في تفسيرات بديلة قد تفضي إلى نتائج مغلوطة تضر بالمرضى أو تضيع وقتهم ومالهم على أقل تقدير، في مثال «مرهم السلاح» سالف الذكر شاهد بيكون بعينه نجاعة الإجراءات، ولكن فاته التفات إلى الفائدة الممكنة لعملية تنظيف الجرح وتضميده.
إن كثيرا من الممارسين الإكلينيكيين واقعيون ساذجون بهذا المعنى، فهم يسلمون تسليما بما يشاهدونه في خبرتهم دون أن يفكروا في تفسيرات بديلة: فنحن لكي نعقد استدلالات علية فإن لزاما علينا أن نصمم تجارب جيدة تضع بالاعتبار التفسيرات البديلة وتقيض لها مجموعات ضابطة. (10) انحياز التأييد
35
يغلب علينا في الممارسة الإكلينيكية أن نلتفت إلى النجاحات، وأن نغض الطرف تلقائيا عن ضرباتنا الخائبة، وهذا لون من «انحياز التأييد»: أن نركز على ما يؤيد اعتقاداتنا ونغض الطرف ونضرب صفحا ونطوي كشحا عن الأمثلة المضادة أو نفسرها تفسيرا غرضيا استبعاديا متخلصا. أما العالم الحق فإن الحقيقة أحب إليه من نفسه، والكشف عن الحقيقة أهم عنده من إثبات صواب ملاحظاته المبدئية. العلماء الحقيقيون لديهم ميل غرزي إلى إثبات أنهم على خطأ!
هل يتعلم الإكلينيكيون حقا من الخبرة؟ الخبرة قيمة لا تنكر، غير أن الاعتداد بخبرة سنوات طويلة من الممارسة الإكلينيكية دون إقامتها على الدليل لا يعدو أن يكون اعتدادا بسنوات طويلة من «انحياز التأييد»! (11) الحرج من تغيير الرأي
ينبغي أن نعترف بأننا جميعا نتحرج من تغيير رأينا بعد طول تمسك واعتداد، فنحن نخشى الاتهام بالتقلب والنفاق والخيانة والهشاشة وضعف الشخصية وعدم الالتزام وعدم الثبات على المبدأ. على أن «الالتزام والثبات على المبدأ» قد لا يصلح مبدأ يحدو العالم على طول المدى. العالم الحقيقي لا يلتزم إلا ب «الدليل»
36
ولا ينشد إلا الحقيقة، وهو على استعداد دائما للعدول عن فرضيته إذا لم تثبت للاختبار.
ثمة «أمر إبستمولوجي مطلق»
অজানা পৃষ্ঠা
37
يقيم في وجدان العالم الحق ولا يملك أن يعصيه:
فكر بحيث تكون على استعداد من حيث المبدأ لأن تغير رأيك إذا ما تبين خطؤه.
وعلى طريقة إيمانويل كنت: إن شيئين يملآن عقله بالإعجاب والإجلال المتجددين والمتزايدين على الدوام: السموات المرصعة بالنجوم من فوقه، والقانون الإبستمولوجي المطلق في داخله. (12) فخ التبرير
38
حين ينفق المرء الكثير من الوقت والمال والعمر مستثمرا في مشروع ما فإن من الصعب عليه جدا أن يعترف بزيفه إذا تبين له، وبدلا من الاعتراف فإنه يتمادى في تبرير باطله بالانخراط في انحياز التأييد، وفي التفسير الاستبعادي للأدلة المضادة، وفي غير ذلك من الاستراتيجيات المغالطة.
يتجذر الاستثمار في العلم الزائف، ويترسخ الالتزام به أكثر فأكثر من خلال اللقاءات والمؤتمرات، حيث يعرض الأشخاص خبراتهم الإيجابية مع علمهم المزعوم، ويتقلبون في دفء الأمثلة المؤيدة والنوادر الفردية وشهادات الآحاد. (13) هذا الكتاب
هذا الكتاب - في شطر كبير منه - عبارة عن فصول متفرقة توجز إسهام ثلة من كبار المفكرين والعلماء وفلاسفة العلم في مسألة التمييز بين العلم والعلم الزائف: توماس جيلوفيتش، باري بيريشتاين، كارل بوبر، إمري لاكاتوش، سكوت ليلينفلد، روري كوكر، جون كاستي، ماريو بنج، ريتشارد ماكنالي، أنتوني براتكانيس، فالكتاب - بمعنى ما - مزيج من التأليف والتصنيف شأن بعض أعمالي المبكرة، ومن حيث هو فصول متفرقة في موضوع واحد لم تكن ثمة مندوحة عن شيء من التداخل، أرجو أن يكون تداخل تبيين وزيادة خير.
ويبقى أن أوجه عناية العالم الحقيقي نفسه إلى أن أدهى تمثلات العلم الزائف وأخفاها هو ثقتك الزائدة ببضاعتك، وتقديرك المبالغ فيه لعلمك، ثرائه وسداده وطول ذراعه، فتفتي فيما لا تعلم، وتقدم لمجتمعك أفكارا غير مجدية، وخططا غير رشيدة.
وبعد، فهذا الكتاب هو بمثابة تتمة لكتاب «المغالطات المنطقية»، أسدد به نصف ديني لهذا الشعب الطيب ، الذي لدغته الخرافة على غير انتظار بعد أن قطع نحو الحداثة شوطا يذكر. لكأنه استحب المكوث في «اللابرنت»، واستمرأ أكل «اللوتس»،
অজানা পৃষ্ঠা
39
وبات لزاما على قوى التنوير أن ترشده ب «خيط أريان»، وتشده بذراع أوديسيوس.
عادل مصطفى
philoadel@yahoo.com
20 / 11 / 2017
الفصل الأول
الحنين إلى الخرافة
يظهر العلم منذ اللحظة التي يقرر فيها الإنسان أن يفهم العالم كما هو موجود بالفعل، لا كما يتمنى أن يكون.
د. فؤاد زكريا (1) في البدء كانت الخرافة!
الظلام - ببساطة - هو غياب النور
অজানা পৃষ্ঠা