فقال رجل كيف ندعو يا رسول الله؟ أى أنجهر أم نخافت؟ فأنزل الله جل وعلا { وإذا سألك عبادى عنى فإنى قريب أجيب دعوة الداع } ورواية الحسن البصرى أن قوما قالوا للنبى صلى الله عليه وسلم أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه؟ فنزلت الآية. وروى أن الآية نزلت فى الذين جامعوا ليلة الصيام بعد النوم وبعد صلاة العشاء، وكان ذلك حراما ونسخ. وروى البخارى ومسلم عن أبى موسى الأشعرى،
" لما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبرا وقال توجه إلى خيبر أشرف الناس على واد، فرفعوا أصواتهم بالتكبير الله أكبر لا إله إلا الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أيها الناس أربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا إنكم تدعون سميعا بصيرا قريبا وهو معكم "
ومعنى أربعوا على أنفسكم أرفقوا بها أو كفوا عن الجهر، وإن قلت الله قريب سواء سألوا أم لم يسألوا فكيف قال { وإذا سألك عبادى عنى }؟ قلت الجواب محذوف تقديره فقل إنى قريب، ومقتضى فقل إنه قريب لكن جئ بضمير التكلم تأكيدا وفيه الالتفات. وإن قلت ما معنى قربه تعالى؟ قلت ذلك كناية أريد فيها لازم المعنى، ومحال إرادة المعنى، لأنه تعالى لا يوصف بالحلول ولا بالاحتواء، ولا بالتحيز والقرب الحقيقى متضمن ذلك كله، فليس مرادا، لكن المراد لازمه فى الجملة، وهو العلم بحال العبد، وقوله وفعله.
وإن شئت فمجاز مرسل، عبر بالقرب وأراد لازمه ومسببه وهما العلم بالمقروب إليه، فإن شئت فاستعارة تمثيلية تبعية شبه كمال علمه بحال العبد، وقوله وفعله بحال من قرب مكانه من شئ، فعلم به وما يتصف به. { أجيب دعوة الداع إذا دعان } تذييل لقوله { إنى قريب } فإنه بعض ما يتضمنه قربه تعالى، ويجوز أن يكون تفسيرا له أو تقريرا له، وهو على كل حال وعد للداعى بالإجابة. قال الحسن البصرى إن الله تعالى يجيب كل الدعاء، فإما أن تظهر الإجابة فى الدنيا، وإما أن يكفر عنه، وإما أن يدخر له أجرا فى الآخرة، وهذا كما روى مالك فى الموطأ أن النبى صلى الله عليه وسلم قال
" ما من مسلم يدعو بالدعاء إلا استجيب له فإما أن يعجل له فى الدنيا، وإما أن يدخر له فى الآخرة، وإما أن يكفر عنه من ذنوبه بقدر ما دعا ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم "
وبهذا اللفظ رواه يزيد بن المغيرة، عن أبى هريرة، بل لفظ مالك فى الموطأ
" ما من داع يدعو إلا كان بين إحدى ثلاث. إما أن يعجل "
إلى آخر اللفظ السابق، وأخرج الترمذى، عن عبادة بن الصامت عنه صلى الله عليه وسلم
" ما على الأرض مسلم يدعو الله بدعوة إلا آتاه الله إياها أو صرف عنه من الشر مثلها ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم " فقال رجل من القوم إذا أكثر؟ قال " الله أكثر "
أى أكثر إجابة. قال ابن رشد الدعاء عبادة من عبادات الله، يؤجر فيها الأجر العظيم أجيبت دعوته فيما دعا به أم لم تجب، قال أنس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
অজানা পৃষ্ঠা