وروى أنه لما ذهب الفتى إلى البقرة بأمر أمه فرأته فجاءت إليه حتى أخذ بقرنها، وكانت مستوحشة، فلقيه بنو إسرائيل ووجدوا بقرته على الصفة التى أمروا بها فساوموه فاشتط عليهم، فأتوا به موسى عليه السلام وقالوا له إن هذا اشتط علينا، فقال لهم ارضوه فى ملكه فاشتروها منه بوزنها مرة، قاله عبيدة السلمانى، وقيل بوزنها مرتين، وتقدم قول بعشر مرات، وأما حكم المقاسمة فى هذه الشريعة فمذكور فى الديوان، والنيل واللفظ له هكذا باب شرط القسامة أن توجد فى قتيل حر علامة قتل، ولا يعلم قاتله ولا يدعى على معين، ولا يوجد بمسجد تصلى فيه جماعة، ولا قتل من زحام، ولا يكون فى البلد قوم بينه وبينهم عداوة. ومن غيره فإذا كملت الشروط لزم تلك البلد أو المحلة أو قريبا منها أن يحلفوا خمسين يمينا ما قتلناه ولا علمنا قاتله، وليس على أعمى وصبى ومجنون وامرأة أن لم تكن بالمحل وحدها قسامة، وإن وجد به أحد ولو امرأة تكررت عليها الأيمان حتى تتم خمسين ثم يدفع الدية، وتؤدى على امرأة عاقلتها إن كانت لها، وإلا فمن مالها وكذا إن لم يكن إلا مشرك تكررت عليه وتديها عاقلته، وعلى مولى العبد أن انفرد كذلك ومن لا عشيرة له لزمته فى ماله والحى كالدار والبيت فإن وجد فى كدار ربها خصت القسامة به، وكذا أهل الخطة لا تجاوزهم لغيرهم من ساكن أو مسافر أو مشرك ما دام أحد من أهلها، فإن لم يكن لزمت هؤلاء الأصناف ممن كان منهم بها وعلى عواقلهم الدية، وإن وجد بمحل تجب فيه، ولو أب وابنه وزوج وزوجته لزمتهم، وعلى عواقلهم الدية، فمن أبى أن يحلف حبس حتى يحلف أو يقر، وتحب فى الظهور لا فى جارحة غير رأس دون بدن، وإن وجد الرأس وحده أو القتيل مقسوما أنصافا على الطول فهل تجب فيه أو لا؟ قولان. وإن قسم بعرض لزمت فيما يلى الرأس، وإن وجد بين قريتين أو سكتين قيس ما بينهما ولزمت أهل القريبة إليه، وإن استوتا فالكل، ويقاس من موضع رجليه إن وجدتا وإلا فمن بينهما، وقيل من موضع كل لناحية أخرى، وقيل لنا حيتها وإن وجد بوسط منزل أو طرفه لزمت أهله، وكذا شارعهم وأهل الزنقة خاصة. وإن وجد فيها وإن بمسجد رجل أو واديه خص بها، وهل لزمت بوادى عامة أهلها أولا؟ قولان. وكذا بالسوق ولزمت بوجوده فى الأميال أو داخلها لا خارجها وأقرب الحيين إليه، وإن وجد بينهما وهما معا إن استويا إليه، وإن برحلة مسافرين أو حى فعليهم، ولزمت سائق دابة وجد عليها أو قائدها أو راكبها، وكلهم إن اجتمعوا وكانوا من أهلها وتدعيه عواقلهم، وإن لم يستووا إليه فعلى من كانت بيده يصرفها حيث شاء، وإن لم يوجد معها أحد فعلى أهل موضع وجدت فيه لا على صاحبها، وإن على شجرة أو حائط أو جبل أو سارية فسواء.
والخيار فيها للولى، فمن اختاره للحلف حلف، ومن يراه يرى وإن استمسك بواحد فهو إبراء لغيره، وصح إبراء القتيل، وإن ادعى مستمسك به أنه جرحه فإبراء لغيره. ولا يقتل مدعى عليه إلا بإقراره أو بيان عليه، وهل يقبل من أهل خطة وجد فيها على غيرهم أولا؟ قولان. ولا يقبل من وراثه وهو إبراء للغير، ولزمت حاملا له على ظهره وتتكرر عليه الأيمان، وتديه عاقتله كعواقل أهل الخطة إن كانوا من قبائل شتى ولزمت فى سقط به أثر جرح إن كملت خلقته، وإن وجد قتيل بين قوم ولم يعرف له وارث أخذ منهم ديته الإمام، وتصح فى مشرك لا فى عبد لأنه مال، وإن وجد بقرية أصلها لذوى الشرك، والإسلام، وهل لزمت الكل أو تختص بذوى الإسلام خلاف. فصل يؤدى على مكاتب وساع ببعض قيمته ما بقى من ديتهما، ولزمت من كان بسفينة وجد بها، وإن وجد جريح فى قبيلة ولم يدر ما به ولم يزل ملازم فراش حتى مات لزمتهم قسامته وديته وفى اثنين وجد بينهما قتيل لابعد لقاء عسكر عدوه، وإن مات أهل قرية وجد بها وبقى فيها نساء وأطفال ومجانين وغياب، فهم لزمتهم قسامته أولا فيه دون تردد، وإن أعطى أهل خطة دية قتيل فأتى مقر بقتله أو مبين عليه لزمه القود أو الدية وأخذها ردها لمعطيها فالقسامة على أهل الديوان والقتال والفئتان إن وجد فيهم يده على رءوسهم من أموالهم، وقيل لا يحكم على واحد منهم بشئ حتى يتبين قاتله فيقتل به أو يديه إن كان لا يقتل به، وقيل إنما يديه منهم الذين لم تقبل منهم، وقيل عكسه والحر والعبد والذكر والأنثى، والموحد وغيره والطفل والبالغ، سواء كان كالليل والنهار فى مقاتلتهما، وقيل إن كانت ليلا ولو تعدد القتيل أو قتل من كل والفيئة من ثلاثة فأكثر وجوز وإن من ناحية اثنان، وحكم بذلك إن أبطلتا أو جهل حالهما فيدوه معا، وإن كانت إحداهما محقة لزمت المبطلة، وإن كان القتيل من محقة لزم المبطلة ديته، وقيل يوقف حتى يتبين قاتله بإقرار أو بيان كانتا مشتركتين أو بعضهما، ويوقف أمرهم إن كانتا أطفالا أو مجانين حتى يتبين وترد الدية إن بان قاتله بعد أخذها وأما القتل وإتمام العدة بالأطفال والمجانين ففيه تردد. انتهى كلام الديوان بلفظ النيل. وقالت الشافعية إذ وجد قتيل فى موضع لا يعرف قاتله فإن كان ثم لوث على إنسان ادعى به، واللوث على الظن صدق المدعى بأن اجتمع جماعة فى بيت أو صحراء، ثم تفرقوا على قتيل فيغلب على الظن أن القاتل فيهم إن وجد قتيل فى محلة أو قرية، وكلهم أعداء القتيل لا يخالطهم غيرهم فيغلب على الظن أنهم قتلوه، فإن ادعى الولى على بعضهم حلف خمسين يمينا على من يدعى عليه، وإن كان الأولياء جماعة توزع الإيمان عليهم، فإذا حلفوا أخذوا الديه من عاقلة المدعى عليه ولا قود عليه فى قول الأكثرين، وذهب عمر بن عبدالعزيز إلى وجود القود به.
قال مالك وأحمد فإن لم يكن ثم لوث فالقول قول لما هى عليه، لأن الأصل براءة ذمته من القتل، وهل يحلف يمينا واحدة كما فى سائر الدعاوى، والثانى يحلف خمسين يمينا تغليظا لأمر القتل، وعند أبى حنيفة ألا حكم للوث ولا يبدأ بيمين المدعى، بل إذا وجد قتيل فى محلة يختار الإمام خمسين رجلا من صلحاء أهلها فيحلفهم أنهم ما قتلوه ولا يعرفون له قاتلا، فإن حلفوا وإلا أخذوا الدية من سكانها، والدليل على أن البداءة بيمين المدعى عند وجود اللوث، ما روى عن سهل بن أبى حثمة قال
" انطلق عبدالله بن سهل ومحيصة بن مسعود إلى خبير وهى يومئذ صلح فتفرقا، فأتى محيصة إلى عبد الله بن سهل وهو يتشحط فى دمه قتيلا، فدفنه ثم قدم المدينة فانطلق عبدالرحمن بن سهل وحويصة ابن مسعود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذهب عبدالرحمن يتكلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كبر كبر " وهو أحدث القوم سنا، فسكت فتكلما، فقال أتحلفون وتستحقون قاتلكم، أو قال صاحبكم؟ قالوا كيف نحلف ولم نشهد ولم نر. قال فيحلف خمسون من اليهود. قال كيف نأخذ بأيمان قوم كفار. فعلقه النبى صلى الله عليه وسلم من عنده "
وفى رواية يقسم خمسون منكم على رجل منهم فيدفع برمته، وذكر نحوه، وزاد فى رواية فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبطل دمه ففداه بمائة من إبل الصدقة. أخرجاه فى الصحيحين، وجه الدليل من هذا الحديث. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بدأ بأيمان المدعين ليقوى جانبهم باللوث، لأن اليمين أبدا تكون لمن يقوى جانبه، وعند عدم اللوث يكون من جانب المدعى عليه من حيث إن الأصل براءة ذمته، فكان القول قوله مع يمينه. والله أعلم. ذكره صاحب لباب التأويل والدميرى من الشافعية. وقالت المالكية يقسم الولاة خمسين يمينا إذا وجبت القسامة، ويستحقون الدم ولا يحلف فى العمل أقل من رجلين بشرط أن يكون من العصبة سواء، ورثوا أم لا، فإن لم تكن عصبة من النسبة فالمولى الأعلون لقوله صلى الله عليه وسلم لأخى المقتول بخير وبنى عمه
" أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم؟ "
فجمعهم فى الأيمان فلم يفرد الأخ بها دون بنى عمه، ولما كان لا يقتل بأقل من شهادة رجلين لم يستحق دمه بأقل من قسامة رجلين؟ قال أشهب وقد جعل الله لكل شهادة رجل من الزنى يمينا من الزوج فى لعانه، قال ابن الماجشون ألا ترى أن النساء لا يقسمن لما كان لا يشهدن فيه، ولا يقتل بالقسامة أكثر من رجل واحد، لأنه لا يعلم أقتله الكل أو البعض، والمتحقق منهم واحد والمزيد عليه مشكوك فيه، وتحت القسامة بقول الميت عند دمى فلان بشرط أن يكون بالغا حرا مسلما فلا يقبل قول الصبى، ولو كان مراهقا على المشهور، ولا فرق فى المدعى عليه بين أن يكون حرا أو عبدا صغيرا أو كبيرا ذكرا أو أنثى، عدلا أو مسخوطا، مسلما أو ذميا. قال فى المدونة ولو كان المدعى عليه القتل أروع أهل زمانه، وقال ابن عبد الحكم لا يقبل قول. المسخوط على العدل لبعد دعواه، والأول هو المشهور، وظاهر صاحب الرسالة فى قوله دمى عند فلان أنه يقبل، ولو لم يكن فيه جرح وهو ظاهر المدونة، ورواه ابن وهب عن مالك، وبه قال أصبغ، وعن ابن القاسم أنه لا يقبل قوله إلا مع الجرح المتبطن، ويقول بن القاسم العمل عند المالكية، قال فى المقتصر وهو المشهور، وتجب القسامة أيضا بشهادة العدل بمعاينة القتل، فيقسم الولاة مع شهادته، ويستحقون الدم ولا يقسمون مع شهادة غير العدل على المشهور، لأن شهادة غير العدل ساقطة شرعا، وعن مالك أن شهادته لوث وبأن يرى العدل القتيل يتشحط فى دمه والمتهم بالقتل بالقرب منه وعليه آثار القتل من التلطخ والمدية بيده، هذا هو المشهور، وحكى ابن سهل أن العمل عندهم جار على أن هذا ليس لوثا، وبأن يشهد المجروح أن فلانا جرحه أو ضربه وشبه ذلك الجرح أو الضرب أو بأن يشهد اثنان أن فلانا جرح فلانا أو ضربه عمدا أو خطأ، ولو لم يعاين الجرح أو الضرب أو إقراره بذلك يوما فأكثر، ولو أكل أو شرب فيقسم الولاة أنه من ذلك الجرح أو الضرب مات، وبأن يشهد واحد بالجرح أو الضرب ، سواء قال عمدا أو خطأ، قال فى المدونة وإن شهد شاهد أن ضربه وعاش الرجل وتكلم، وأكل وشرب ولم يسألوه أين دمك حتى مات ففيه القسامة، ولذلك تثبت القسامة إذا شهد شاهد باقرار المقتول أن فلانا قتله عمدا، فلو قال خطأ لم تثبت، لأن قول المقتول فى الخطأ جار مجرى الشهادة على العاقلة بمال الشاهد، لا ينقل عنه إلا اثنان، والفرق بين العمد والخطأ لأن العمد لوث محض، والدماء يعمل فيها باللوث، بخلاف الخطأ فإنه مال، والأموال لا يعمل فيها باللوث، ولا بد من ثبوت الموت فى جميع أمثلة اللوث لاحتمال أن يكون حيا ولا قسامة فى حى، وإذا اختلف شاهدا القتل بأن قال أحدهما قتل بخنجر وقال الآخر بل بسيف.
بطل الحق لتعارضهما، ولا يبقى إلا مجرد الدعوى، فليس للأولياء أن يقسموا مع شهادة أحدهما نص عليه في المدونة، وإذ نكل مدعى القتل على أحد عمدا أو بعضهم سقط الدم وردت الإيمان على المدعى، فيحلف خمسين يمينا وحده وليس له الاستعانة فيها بأحد من ولاته، هذا هو المشهور، ومذهب المدونة، وقول مطرف، وقال، ابن القاسم له ذلك، وفى مقتضى الكلام، وإن ادعى القتل على جماعة فكل مدعو أو بعضهم سقط الدم أيضا فترد الأيمان على المدعى عليه، فيحلف كل واحد منهم خمسين يمينا لأنه يدفع عن نفسه القتل، فكل واحد غريم ولا يضرنا أنه لا يقتل بالقسامة إلا واحد، فإن نكل أحد ممن توجه عليه اليمين حبس أبدا حتى يحلف أو يموت، فإن نكل مدعوا الحطأ ردت الأيمان على عدة العاقلة، فإن حلفوا برءوا وإن نكلوا غرموا، وإن نكل البعض وحلف البعض، فمن حلف لم يلزمه غرم، ومن نكل غرم حصته فقط، والقاتل كرجل من العاقلة، هذا قول ابن القاسم. قال ابن رشد وهو أبين الأقوال، ولابن القاسم أيضا أن الناكل يلزمه الجميع، وإذا وجد من عصبة المقتول خمسون رجلا فإن الأيمان توزع عليهم، فيحلف كل واحد منهم واحدة فذلك خمسون يمينا وهو أوضح، وإن كانوا أقل قسمت عليهم الأيمان إلى اثنين كما مر أنه لا يحلف فى العمد أقل من رجلين، فيحلف كل واحد منهما خمسا وعشرين يمينا، وإن طلب أحدهما أن يحلف أكثر من نصيبه لم يجز، وإن كانوا أكثر من اثنين قطاع منهم اثنان أن يحلفا جميع الأيمان اكتفى بهما بشرط ألا يكون ذلك نكولا ممن لم يحلف، ويستحق البقية حينئذ ما وجب بالقسامة على المشهور، ولا تحلف المرأة على العمد، وذكر ابن الحاجب أن القسامة أن يحلف الوارثون المكلفون فى الخطأ وكذا إن لم يكن إلا واحد، وسواء الذكر أو الأنثى خمسين يمينا متوالية على البت ولو كان أعمى أو غائبا، وتوزع الأيمان على الميراث وجبر فسر اليمين على ذى الأكثر من الكسر، وقيل على الجميع كما لو تساوى الكسر عليهم، قال بعض الشيوخ إنما اشترط فى الأيمان توالى لأنه أرهب وأوقع فى النفس، وأما اشتراط كونه بتا فلأنه الذى ورد به النص فى قصة حويصة ومحيصة، وقول الأولياء كيف نحلف ولم نحضر، وأما العمى والغيبة فلا يمنعان من تحصيل أسباب العلم، وأما توزيع الأيمان على الميراث فظاهر لأنها سبب لحصوله، فإن انكسرت يمين فإما أن يساوى الكسر أو يختلف، فإن تساوى حلف كل واحد يمينا كأربع بنين فيحلف كل واحد ثلاث عشرة يمينا، وإن اختلف حلفها أكثرهم نصيبا من اليمين المنكسرة على المشهور، فإن كان ابن وبنت حلف الابن ثلاثا وثلاثين، وحلفت البنت سبع عشرة لأنها قد خصها من اليمين المنكسرة ثلثها، وقيل يحلف كل واحد يمينا كما إذا تساوى الكسر عليهم، وقيل يحلفها صاحب الأكثر من الأيمان، لا من الكسر فيحلفها الابن فى المثال، فإذا حضر بعض ورثة دية الخطأ وأراد أن يحلف نصيبه من الأيمان ويأخذ نصيبه من الدية لم يكن له، ولكن حتى يحلف جميع أيمان القسامة إذ لا يلزم العقيلة شئ من الدية إلا بعد ثبوت الدم، وهو لا يثبت إلا بعد حلف جميع أيمان القسامة، فإذا وجبت الدية بأيمان من حضر أولا فكل من حضر بعد ذلك حلف نصيبه من الأيمان، فيحلفون كلهم ولو كانوا عشرة آلاف رجل، والقاتل كرجل منهم، فمن حلف لم يلزمه شئ ون نكل لزمه ما يجب عليه خاصة، وهو أحد قولى أبى القاسم وابن رشد، وهو أبين الأقاويل وأصحها فى النظر، ويحلفون فى القسامة قياما لأنه أردع للحالف وأهول فى حقه، لعله يرجع للحق إن كان مبطلا، وإن لم يحلف قياما كان ذلك نكولا منهم، ويجلب إلى مكة والمدينة وبيت المقدس من أهل أعمالها للقسامة ولا يجلب إلى غير فى غيره إلا من الأميال اليسيرة، لأن ذلك أيضا أهول للحالف وأردع للكاذب، ولا قسامة فى جرح، لأنه صلى الله عليه وسلم حكم بالقسامة فى نفس، ولأن حرمة الجرح أخفض من حرمة النفس، ألا ترى أن لا كفارة فيه كما فى النفس، وكذلك لا قسامة فى عبد لأنه أخفض رتبة من الحر، وكذلك لا قسامة فى أهل الكتاب لنقصان حرمتهم بالكفر، وإن اقتتلت طائفتان من المسلمين، ثم انفصلوا عن قتلى ولم يعلم من قتلها من الطائفتين، فقيل لا قسامة ولا قود، سواء ادعى المقتول أن دمه عند أحد أم لا.
هكذا قال مالك فى المدونة، فأبقاه بعض شيوخها على ظاهره، وقيده آخرون بما إذا لم يكن لوث، وإذا كان فى القسامة وهو تأويل ابن القاسم، وبه قال أصبع ومطرف وابن الماجشون وأشهب، قال بعض المتأخرين ينبغى ألا يعدل عن هذا، وقال بعض معنى قوله فيها لا قسامة أنه لو قال دمى عند فلان لم تكن قسامة، لأنه إذا قدم على قتله لا يستكثر عليه الكذب، وأما إذا قام له شاهد بمعاينة القتل فالقسامة، وقيد ابن رشد القاتل بأن يكون من غير الطائفتين، قال بعض وهو تقييد لا بد منه، وهذا إذا كانتا باغيتين وإن تأولتا هدر دم المقتول، وإن تأولت واحدة هدر ما قتل من الباغية قاله ابن القاسم، ووجود القتيل بقرية قوم أو جدارهم ليست بلوث، وعلله مالك فى المجموعة بأنه لو أخذ بذلك لم يشأ رجل أن يلطخ قوما بذلك إلا فعل، لأن الغالب أن من قتله لا يترك بموضع يتهم به.
انتهى كلام المالكية. ومن قرأ قوله تعالى { فقلنا اضربوه ببعضها } على قضيب برقوق يوم الجمعة عند طلوع الشمس أربعين مرة، ثم ضرب به وجع كان من سائر الحيوان أو ورم سبع مرات، ويتفل على موضع الوجع أو الورم فى كل مرة، فإنه يبرأ بإذن الله تعالى. { كذلك يحيى الله الموتى } أى يحيى الله الموتى يوم القيامة كما أحيا هذا القتيل، فهذا دليل على أنهم لما ضربوه حيى بإذن الله تعالى، فدل على اعذوف أى فقلنا اضربوه ببعضها فضربوه، فحيى بإذن الله أو فقام حيا كما مر، وهذا الخطاب لمن أنكر البعث فى زمان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، من العرب وغيرهم، ويجوز أن يكون خطابا للذين حضروا حياة القتيل، على تقدير وقلنا لهم كذلك يحيى الله الموتى. واقتصر الطبرى على الوجه الأول. { ويريكم آياته } دلائله على كمال قدرته كما قال
অজানা পৃষ্ঠা